للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قُتِل قِتْلة مُرتدٍّ. انتهى (١).

(وَسَتَكُونُ خُلَفَاءُ)؛ أي: بعدي، (فَتَكْثُرُ") بالثاء المثلّثة، وحَكَى عياض أن منهم مَن ضبطه بالموحّدة، وهو تصحيف، ووَجَّه بأن المراد: إكبار قبيح فِعْلهم، وفي رواية البخاريّ: "فيكثرون".

وقال النوويّ - رحمه الله -: قوله: "فتكثر" بالثاء المثلثة من الكثرة، هذا هو الصواب المعروف، قال القاضي: وضَبَطه بعضهم: "فتكبر" بالباء الموحّدة، كأنه من إكبار قبيح أفعالهم، وهذا تصحيف. انتهى (٢).

(قَالُوا)؛ أي: الصحابة الحاضرون لديه - صلى الله عليه وسلم - حين أخبر بهذا، (فَمَا تَأْمُرُنَا؟) وفي بعض النسخ: "فماذا تأمرنا؟ أي: أيُّ شيء تأمرنا به إذا أدركنا أولئك الخلفاء؟.

والفاء في قوله: "فما تأمرنا" جواب شرط محذوف؛ أي: إذا كثر بعدك الخلفاء، فوقع التشاجر، والتنازع بينهم، فما تأمرنا نفعل؟ (٣).

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("فُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ، فَالأَوَّلِ) "فُوْا" بضمّ الفاء، وسكون الواو: فعلُ أَمْر من الوفاء، والمعنى: أنه إذا بويع الخليفة بعد خليفة، فبيعة الأول صحيحةٌ، يجب الوفاء بها، وبيعة الثاني باطلة.

وقال الطيبيّ - رحمه الله -: الفاء في قوله: "فالأول" للتعقيب، والتكرار للاستمرار، ولم يُرد به في زمان واحد، بل الحكم هذا مستمرّ عند تجدّد كل زمان، وتجدّد كلّ بيعة (٤).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: هذا الحديث دليل على وجوب الوفاء ببيعة الأول، وسكت في هذا الحديث عمَّا يحكم به على الآخر، وقد نصَّ عليه في الحديث الآتي عند مسلم حيث قال: "فإن جاء آخر ينازعه، فاضربوا عنق الآخر"، وفي رواية: "فاضربوه بالسيف كائنًا من كان"، وهذا الحكم مجمَعٌ عليه عند تقارب الأقطار، وإمكان استقلال واحد بأمور المسلمين وضَبْطها، فأمَّا لو تباعدت


(١) "المفهم" ٤/ ٤٨.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ٢٣١.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٥٦٤.
(٤) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٥٦٤.