حقّ السلطان؛ لِمَا فيه من إعلاء كلمة الدين، وكفّ الفتنة، والشر، وتأخيرُ أمر المطالبة بحقّه لا يسقطه، وقد وعده الله أنه يُخَلِّصه، ويوفّيه إياه، ولو في الدار الآخرة (١).
٤ - (ومنها): ما قاله النوويّ - رحمه الله -: معنى هذا الحديث أنه إذا بويع لخليفة بعد خليفة فبيعة الأول صحيحة يجب الوفاء بها، وبيعة الثاني باطلة يحرم الوفاء بها، ويحرم عليه طلبها، وسواء عقدوا للثاني عالِمين بعقد الأول أو جاهلين، وسواء كانا في بلدين، أو بلد، أو أحدهما في بلد الإمام المنفصل، والآخر في غيره، هذا هو الصواب الذي عليه أصحابنا، وجماهير العلماء، وقيل: تكون لمن عُقدت له في بلد الإمام، وقيل: يُقرع بينهم، وهذان فاسدان، واتَّفَق العلماء على أنه لا يجوز أن يُعقد لخليفتين في عصر واحد، سواء اتسعت دار الإسلام أم لا، وقال إمام الحرمين في كتابه "الإرشاد": قال أصحابنا: لا يجوز عَقْدُها لشخصين، قال: وعندي أنه لا يجوز عَقْدها لاثنين في صُقْع واحد، وهذا مُجْمَع عليه، قال: فإن بَعُد ما بين الإمامين، وتخللت بينهما شُسوع، فللاحتمال فيه مجال، قال: وهو خارج من القواطع، وحَكَى المازريّ هذا القول عن بعض المتأخرين من أهل الأصل، وأراد به إمام الحرمين، وهو قول فاسد مخالفٌ لِمَا عليه السلف والخلف، ولظواهر إطلاق الأحاديث، والله أعلم.
قال الجامع عفا الله عنه: عندي في قوله: قول فاسد. . . إلخ نظرٌ فيما إذا اختلفت الأقاليم، كما صوّره إمام الحرمين، وظواهر النصوص إنما تدلّ على المنع فيما إذا وقع التنازع في إقليم واحد، فما مال إليه إمام الحرمين هو الظاهر، فتأمله بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى أعلم بالصواب.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال: