وفيه اختصار؛ أي: فأعطوهم حقّهم، وإن لم يُعطوكم حقّكم؛ لأن الله سائلهم عما استرعاهم، ويُثيبكم بما لكم عليهم من الحقّ؛ لقوله في الحديث الآخر:"أدُّوا إليهم حقّهم، واسألوا الله حقّكم".
وقوله: (عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ")؛ أي: استحفظهم، وجعلهم راعين لكم، ومحافظين على حقوقكم، فهو كحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - المتقدم: "كُلُّكُم راعٍ، وكلُّكم مسؤول عن رعيته"، وتقدّم شرحه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١٠/ ٤٧٦٤ و ٤٧٦٥](١٨٤٢)، و (البخاريّ) في "أحاديث الأنبياء" (٣٤٥٥)، و (ابن ماجه) في "الجهاد" (٢٨٧١)، و (أحمد) في "مسنده" (٢/ ٢٩٧)، و (ابن راهويه) في "مسنده" (١/ ٢٥٦)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (٤٥٥٥ و ٦٢٤٩)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (٤/ ٤٠٩ و ٤١٠)، و (ابن أبي عاصم) في "السُّنّة" (٢/ ٥١٢)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (٨/ ١٤٤)، و (البغويّ) في "شرح السُّنّة" (٢٤٦٤)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان وجوب الوفاء ببيعة الخليفة الأول، فالأول.
٢ - (ومنها): أن في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وستكون خلفاء فتكثر" معجزة ظاهرة له - صلى الله عليه وسلم - حيث أخبر بما سيقع بعده، فوقع على نحو ما أخبر عنه، ووُجد كذلك في غير ما وقت؛ فمن ذلك: مبايعة الناس لابن الزبير بمكة، ولمروان بالشام، ولبني العباس بالعراق، ولبني مروان بالأندلس، ولبني عُبيد بمصر، ثم لبني عبد المؤمن بالمغرب، قاله القرطبيّ - رحمه الله - (١).
٣ - (ومنها): أن فيه تقديمَ أمر الدين على أمر الدنيا؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بتوفية