للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) لا يعرف اسمه (١). (الصَّلَاةَ جَامِعَةً) قال النوويّ - رحمه الله -: هو بنصب "الصلاة" على الإغراء، و"جامعةً" على الحال.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذه الجملة تَحْتَمِل أربعة أوجه: رفع الجزءين على الابتداء والخبر، ونَصْبهما على ما قاله النوويّ، ورَفْعُ الأول، ونَصْبُ الثاني، على أن الأول مبتدأ، حُذِف خبره؛ أي: الصلاة محضورةٌ، والثاني منصوب على الحال، ونَصْبُ الأول على الإغراء، ورَفْع الثاني على تقدير مبتدإ؛ أي: هي جامعةٌ، والله تعالى أعلم.

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: "الصلاة جامعة" خبر بمعنى الأمر، كأنه قال: اجتمعوا للصلاة، وكأنه كان وقت صلاة، فلما جاؤوا صلَّوا معه، وسكت الراوي عن ذلك، وإلا فمن المحال أن ينادي منادي الصادق بالصلاة، ولا صلاة. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: كلام القرطبيّ هذا فيه نظر لا يخفى، بل الذي يظهر أن ذلك الوقت غير وقت صلاة، وإلا فالصلوات الخمس لا يُنادى لها بـ "الصلاةُ جامعة"، وإنما يؤذّن لها الأذان المعروف، بل هذه الصلاة عارضة أراد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - جَمْعهم بسببها، ثم خُطبتهم بعدها، وهذا واضح، والله تعالى أعلم.

(فَاجْتَمَعْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: "إِنَّهُ) الضمير للشأن، كما سبق قريبًا، وهو الضمير الذي تفسّره الجملة بعده، وهي هنا قوله: (لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي، إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ)؛ أي: واجبًا عليه؛ لأن ذلك من طريق النصيحة، والاجتهاد في التبليغ، والبيان. (أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ) ولفظ النسائيّ: "على ما يعلمه خيرًا لهم"، قال السنديّ: أي: على شيء يعلم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك الشيء خيرًا لهم، (وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا)؛ أي: سلامتها، واستقامتها، واجتماع كلمتها (فِي أَوَّلِهَا، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ، وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا) قال القرطبيّ - رحمه الله -: يعني بأول الأمة: زمانه، وزمان الخلفاء الثلاثة إلى قَتْل عثمان، فهذه الأزمنة كانت أزمنة اتّفاق هذه


(١) راجع: "تنبيه المعلم" ص ٣٢٤.
(٢) "المفهم" ٤/ ٥٠ - ٥١.