للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولكن ذلك للرجال فقط، على ما يأتي، ولا بُدّ من التزام البيعة بالقلب، وترك الغشّ والخديعة، فإنها من أعظم العبادات، فلا بدّ فيها من النيّة والنصيحة. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "بل لا بدّ من الضرب باليد"، فيه نظرٌ، لا يخفى، فإن الحديث لا يدلّ على هذا، بل غاية ما فيه إيجاب الطاعة لمن بايع على هذه الصفة، وهذا لا ينفي جواز البيعة باللسان فقط، دون الضرب باليد، فتبصّر. والله تعالى أعلم.

(فَلْيُطِعْهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُنَازِعُهُ، فَاضْرِبُوا رَقَبَةَ الْآخَرِ") قال النوويّ - رحمه الله -: معناه: ادفعوا الثاني، فإنه خارجٌ على الإمام، فإن لم يندفع إلا بحرب، وقتال، فقاتِلُوه، فإن دعت المقاتَلة إلى قَتْله جاز قَتْله، ولا ضمان فيه؛ لأنه ظالم مُعتدٍ في قتاله.

وقال الطيبيّ - رحمه الله -: الفاء في قوله: "فأعطاه صفقة يده" كما هي في قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} الآية [البقرة: ٥٤] إذا كانت التوبة عين القتل؛ إذ الصفقة الحاصلة بين المتبايعين، وكذلك إعطاء ثمرة القلب التي هي خلاصة الإنسان ليست إلا عين المبايعة، فإذا اجتمع الظاهر والباطن مع صاحبه، فوجب أن يقاتل مع من ينازعه، وجَمَع الضمير في "فاضربوا" بعدما أفرد في "فليُطعه" نظرًا إلى لَفْظِه "مَنْ" تارةً، ومعناها أخرى، وقوله: "عنق الآخر" وُضع موضع عنقه؛ إيذانًا بأن كونه آخرًا يستحقّ ضرب العنق تقريرًا للمراد، وتحقيقًا له. انتهى (٢).

قال عبد الرحمن بن عبد ربّ الكعبة: (فَدَنَوْتُ مِنْهُ)؛ أي: قرُبتُ من عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - (فَقُلْتُ لَهُ) هذا الجارّ والمجرور سقط من بعض النسخ، (أَنْشُدُكَ اللهَ)؛ أي: سألتك بالله، قال ابن الأثير - رحمه الله -: يقال: نشدتك الله، وأنشدك الله، وبالله، وناشدتك الله، وبالله؛ أي: سألتك، وأقسمت عليك.


(١) "المفهم" ٤/ ٥٢ - ٥٣.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٥٦٦.