للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن الخير، وكانت أكثر مسائله عن الشر، وإلَّا فقد سأل غيره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كثير من الشر، وقد كان حذيفة أيضًا يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كثير من الخير، والخير والشر المعْنِيّان في هذا الحديث إنما هما استقامة أمر دِين هذه الأمة، والفتن الطارئة عليها؛ بدليل باقي الحديث، وجواب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - له بذلك. انتهى (١).

(مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي) وفي رواية نصر بن عاصم، عن حذيفة، عند ابن أبي شيبة: "وعَرَفت أن الخير لن يسبقني".

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "مخافة أن يدركني" يدلّ على حزم حذيفة - رضي الله عنه -، وأخْذه بالحذر، وذلك: أنه كان يتوقع موت النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فيتغير الحال، وتظهر الفتن، كما اتفق، وفيه دليل: على فرض المسائل، والكلام عليها قبل وقوعها، إذا خيف مَوْتُ العالم. انتهى (٢).

(فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ) يشير إلى ما كان قبل الإسلام، من الكفر، وقَتْل بعضهم بعضًا، ونَهْب بعضهم بعضًا، وإتيان الفواحش، (فَجَاءَنَا اللهُ بِهَذَا الْخَيْرِ)؛ يعني: الإيمان، والأمن، وصلاح الحال، واجتناب الفواحش، وفي رواية أبي سلّام، عن حذيفة التالية: "فجاء الله بخير، فنحن فيه"، (فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟، قَالَ: "نَعَمْ") في رواية نصر بن عاصم: "فتنة"، وفي رواية سبيع بن خالد، عن حذيفة، عند ابن أبي شيبة: "فما العصمة منه؟ قال: السيف، قال: فهل بعد السيف من تَقِيَّة؟ قال: نعم، هُدْنة"، والمراد بالشرّ: ما يقع من الفتن من بعد قتل عثمان، وهَلُمّ جَرّا، أو ما يترتب على ذلك من عقوبات الآخرة (٣).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: يعني به: الطارئة بعد انقراض زمان الخليفتين، والصدر من زمان عثمان - رضي الله عنهم -، كما تقدّم (٤).

(فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ:، نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ") - بفتح


(١) "المفهم" ٤/ ٥٥.
(٢) "المفهم" ٤/ ٥٥.
(٣) "الفتح" ١٦/ ٤٨٥، كتاب "الفتن" رقم (٧٠٨٤).
(٤) "المفهم" ٤/ ٥٥.