للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مالك"، وكذا في رواية خالد بن سبيع، عند الطبرانيّ: "فإن رأيت خليفة فالزمه، وإن ضرب ظهرك، فإن لم يكن خليفة فالهرب".

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم يعني: أنه متى اجتمع المسلمون على إمام، فلا يُخرَج عليه، وإنْ جَارَ؛ كما تقدّم، وكما قال في الرواية الأخرى: "فاسمع، وأطع"، وعلى هذا فتُشْهَد مع أئمة الْجَوْر الصلوات، والجمعات، والجهاد، والحج، وتُجْتَنَبُ معاصيهم، ولا يطاعون فيها (١).

(فَقُلْتُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ، وَلَا إِمَامٌ؟) قال القرطبيّ - رحمه الله -: هذا إشارة إلى مثل الحالة التي اتفقت للناس عند موت معاوية بن يزيد بن معاوية، فإنه توفي لخمسٍ بقين من ربيع الأول سنة أربع وستين، ولم يَعْهَدْ لأحدٍ، وبَقِي الناس بعده بقية ربيع الأول، والجمادين، وأيامًا من رجب من السَّنة المذكورة، ولا إمام لهم، حتى بايع الناس بمكة لابن الزبير، وفي الشام لمروان بن الحكم (٢).

(قَالَ: "فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ) بكسر الفاء، وفتح الراء: جمع فِرْقة، بكسر، فسكون؛ أي: الجماعة.

قال القرطبيّ - رحمه الله -: هذا أمرٌ بالاعتزال عند الفتن، وهو على جهة الوجوب؛ لأنه لا يَسْلَمُ الدِّينُ إلَّا بذلك، وهذا الاعتزال عبارة عن ترك الانتماء إلى من لم تتم إمامته من الفِرَق المختلفة، فلو بايع أهل الحلّ والعقد لواحدٍ موصوف بشروط الإمامة لانعقدت له الخلافة، وحَرُمت على كل أحدٍ المخالفة، فلو اختلف أهل الحلّ والعقد، فعقدوا لإمامين، كما اتَّفَق لابن الزبير ومروان؛ لكان الأول هو الأرجح، كما تقدَّم (٣).

(كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ) بفتح العين المهملة، وتشديد الضاد المعجمة؛ أي: ولو كان الاعتزال بالعضّ فلا تعدل عنه، و"تَعَضَّ" بالنصب للجميع، وضَبَطه بعضهم بالرفع، وتُعُقّب بأن جوازه متوقف على أن


(١) "المفهم" ٤/ ٥٧.
(٢) "المفهم" ٤/ ٥٧.
(٣) "المفهم" ٤/ ٥٧ - ٥٨.