للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يكون "أن" التي تقدمته مخففة من الثقيلة، وهنا لا يجوز ذلك؛ لأنها لا تلي "لَوْ"، نَبَّه عليه صاحب "المغني"، وفي رواية عبد الرحمن بن قُرط، عن حذيفة، عند ابن ماجه: "فلأن تموت، وأنت عاضّ على جِذْلٍ خير لك من أن تتّبع أحدًا منهم"، والْجِذل بكسر الجيم، وسكون المعجمة، بعدها لام: عود يُنصب لتحتكّ به الإبل (١). (حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ، وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ")؛ أي: العضّ، وهو كناية عن لزوم جماعة المسلمين، وطاعة سلاطينهم، ولو عَصَوا، قال البيضاويّ: المعنى: إذا لم يكن في الأرض خليفة، فعليك بالعزلة، والصبر على تحمّل شدة الزمان، وعَضّ أصل الشجرة كناية عن مُكابدة المشقة، كقولهم: فلان يَعَضّ الحجارة من شدة الألم، أو المراد: اللزوم، كقوله في الحديث الآخر: "عَضُّوا عليها بالنواجذ ويؤيد الأول قوله في الحديث الآخر: "فلأن تموت وأنت عاضّ على جِذْل خير لك من أن تتّبع أحدًا منهم".

قال الجامع عفا الله عنه: حَمْل الحديث على ظاهره - كما قال بعضهم - هو الأَولى، فالمعنى: أن المعتزل إذا لم يجد شيئًا يأكله بسبب عزلته، حتى اضطرّ إلى أكل أصول الأشجار، فليفعل، ولا يمنعه ذلك من الاعتزال، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث حذيفة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١٣/ ٤٧٧٥ و ٤٧٧٦] (١٨٤٧)، (والبخاريّ) في "المناقب" (٣٦٠٦ و ٣٦٠٧) و"الفتن" (٧٠٨٤)، و (ابن ماجه) في "الفتن" (٤٠٢٧)، و (الحاكم) في "المستدرك" (١/ ١٩٧)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (٤/ ٤١٩)، و (البزّار) في "مسنده" (٧/ ٣٦٤)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (٨/ ١٥٦ و ١٩٠)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:


(١) "الفتح" ١٦/ ٤٨٥، كتاب "الفتن" رقم (٧٠٨٤).