١ - (منها): بيان وجوب ملازمة الجماعة عند ظهور الفتن، وتحريم الخروج على الأمراء، ولو ظلموا، قال النوويّ: وفي حديث حذيفة - رضي الله عنه - هذا لزوم جماعة المسلمين، وإمامهم، ووجوب طاعته، وإن فسق، وعَمِل المعاصي، من أخذ الأموال، وغير ذلك، فتجب طاعته في غير معصية.
٢ - (ومنها): أن فيه عَلَمًا من أعلام النبوّة، إذ أخبر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - حذيفة بأمور مختلفة من الغيب لا يعلمها إلا من أوحي إليه بذلك، من أنبيائه الذين هم صفوة خلقه، وهذه الأمور التي أخبر بها، قد وقعت كلها، كما أخبر (١).
٣ - (ومنها): ما قاله ابن بطال - رحمه الله -: فيه حجة لجماعة الفقهاء في وجوب لزوم جماعة المسلمين، وتَرْك الخروج على أئمة الجور؛ لأنه وصف الطائفة الأخيرة بأنهم دعاة على أبواب جهنم، ولم يقل فيهم: تَعْرِف وتُنْكِر، كما قال في الأولين، وهم لا يكونون كذلك إلا وهم على غير حقّ، وأَمَر مع ذلك بلزوم الجماعة.
٤ - (ومنها): ما قال الطبريّ - رحمه الله -: اختُلِف في هذا الأمر، وفي الجماعة، فقال قوم: هو للوجوب، والجماعة: السواد الأعظم، ثم ساق عن محمد بن سيرين، عن أبي مسعود - رضي الله عنه - أنه وصى من سأله لَمّا قُتِل عثمان - رضي الله عنه -: عليك بالجماعة، فإن الله لم يكن. ليجمع أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - على ضلالة، وقال قوم: المراد بالجماعة: الصحابة، دون مَن بعدهم، وقال قوم: المراد بهم: أهل العلم؛ لأن الله جعلهم حجةً على الخلق، والناس تَبَع لهم في أمر الدِّين، قال الطبريّ: والصواب أن المراد من الخبر: لزوم الجماعة الذين في طاعة من اجتَمَعوا على تأميره، فمن نكث بيعته خرج عن الجماعة، قال: وفي الحديث أنه متى لم يكن للناس إمام، فافترق الناس أحزابًا، فلا يتبع أحدًا في الفرقة، ويعتزل الجميع إن استطاع ذلك؛ خشيةً من الوقوع في الشرّ، وعلى ذلك يتنزل ما جاء في سائر الأحاديث، وبه يُجْمَع بين ما ظاهره الاختلاف منها، ويؤيده رواية عبد الرحمن بن قُرْط:"فلأن تموت وأنت عاضّ على جذل خير لك من أن تتّبع أحدًا منهم".
(١) "التوضيح شرح الجامع الصحيح" لابن الملقّن - رحمه الله - ٣٢/ ٣٣٤.