للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والمعنى: أنه مات على هيئة موت الجاهليّة، فإنهم كانوا لا يطيعون أميرًا، ولا ينضمّون إلى جماعة واحدة، بل كانوا فِرَقًا، وعصائب، يقاتِل بعضهم بعضًا.

وقال الطيبيّ - رحمه الله -: "قوله: "ميتةً جاهليّةً": الْمِيتة، والْقِتلةُ بالكسر: الحالة التي يكون عليها الإنسان عند الموت، أو القتل، والمعنى: أن من خرج عن طاعة الإمام، وفارق جماعة المسلمين، وشذّ عنهم، وخالف إجماعهم، ومات على ذلك، مات على هيئةٍ كان يموت عليها أهل الجاهليّة؛ لأنهم كانوا لا يرجعون إلى طاعة أمير، ولا يتّبعون هُدى إمام، بل كانوا مستنكفين عنها مستبدّين في الأمور، لا يجتمعون في شيء، ولا يتّفقون على رأي. انتهى (١).

(وَمَنْ قَاتَلَ) "من" شرطيّة أيضًا، كسابقها، (تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ) - بضم العين، وكسرها، لغتان مشهورتان، والميم مكسورة مشدّدة، والياء مشدّدة أيضًا -، قالوا: هي الأمر الأعمى، لا يستبين وجهه، كذا قاله أحمد بن حنبل، والجمهور، وقال إسحاق بن راهويه: هذا كتقاتُل القوم للعصبية، قاله النوويّ (٢).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قال بعضهم: العمّيّة: الضلالة، وقال أحمد بن حنبل: هو الأمر الأعمى، كالعصبيّة، لا يستبين ما وجهه؟، وقال إسحاق: هذا في تهارُج القوم، وقَتْل بعضهم بعضًا، كأنه من التعمية، وهو التلبيس. انتهى (٣).

وقال ابن الأثير - رحمه الله -: العِمِّيّةٌ فِعّيلة، من العَمَاء: الضلالة، كالقتال في العَصَبيّة والأهواء، وحكَى بعضهم فيها ضمّ العين. انتهى (٤).

وقال المجد - رحمه الله -: الْعَمَاءةُ، والْعَمَايةُ، والْعَمِيّة، كغَنِيّةٍ، ويُضمّ: الْغَوَايةُ، واللَّجَاج، والْعُمّيّةُ بالكسر، والضمّ، مشدّدتي الميم والياء: الكِبْر، أو الضلال، وقُتِلَ عِمِّيًّا، كَرِمِّيًّا: لم يُدرَ من قتله. انتهى (٥).


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٥٦١.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ٢٣٧.
(٣) "المفهم" ٤/ ٥٩.
(٤) "النهاية" ٣/ ٣٠٦.
(٥) "القاموس المحيط" ص ٩١٤.