للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حَشَى لله، وحاشى لله، ومعناه: معاذ الله، وأصله من حاشيت فلانًا، وحشيته؛ أي: نحّيته، قال ابن الأنباريّ: معنى حاش في كلام العرب: أعزل، وأنحى، قال: ويقال: حاش لفلان، وحاشى فلانًا، وحشى فلانٌ. انتهى (١).

(وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ)؛ أي: لا يوفّي بعهد الذّمّيّين الذين لهم عهد وأمان من المسلمين، بل ينقضه، ويقتلهم، كما يقتل المسلمين، أو المعنى أنه لا يوفي بعهد البيعة، والولاية. (فَلَيْسَ مِنِّي، وَلَسْتُ مِنْهُ") قال القرطبيّ - رحمه الله -: هذا التبرّي ظاهر في أنه ليس بمُسْلِم، وهذا صحيح إن كان معتقدًا لحلّيّة ذلك، وإن كان معتقدًا لتحريمه، فهو عاصٍ من العصاة، مرتكب كبيرةً، فأمْره إلى الله تعالى، ويكون معنى التبرّي على هذا: أي ليست له ذمّة، ولا حرمة، بل إن ظُفِر به قُتل، أو عُوقب بحسب حاله، وجريمته، ويَحْتَمِل أن يكون معناه: ليس على طريقتي، ولستُ أرضى طريقته، كما تقدّم أمثالُ هذا.

وهذا الذي ذكره في هذا الحديث هي أحوال المقاتلين على المُلك، والأغراض الفاسدة، والأهواء الركيكة، وحميّة الجاهليّة، وقد أبعد من قال: إنهم الخوارج، فإنهم إنما حَمَلهم على الخروج الْغَيْرة للدين، لا شيء من العصبيّة، والمُلك؛ لكنّهم أخطؤوا التأويل، وحرّفوا التنزيل. انتهى كلام القرطبيّ - رحمه الله - (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي ذكره القرطبيّ - رحمه الله - تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - من أفراد المصنّف - رحمه الله -.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١٣/ ٤٧٧٧ و ٤٧٧٨ و ٤٧٧٩ و ٤٧٨٠] (١٨٤٨)، و (النسائيّ) في "تحريم الدم" (٤١١٦) وفي "الكبرى" (٣٥٧٩)، (وابن ماجه)


(١) "مشارق الأنوار على صحاح الآثار" ١/ ٤١٩.
(٢) "المفهم" ٤/ ٦٠.