للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المذكور بعدها: "يَغْضَب للعصبة، ويقاتل للعصبة"، ومعناه: إنما يقاتل عصبيةً لقومه، وهواه. انتهى (١).

وقال في "النهاية": العصبيّة، والتعصّبُ: المحاماة، والمدافعة. والعَصَبيّ: من يُعين قومه على الظلم، وقال أيضًا: هو الذي يغضب لعَصَبته، ويُحامي عنهم. انتهى بتصرّف (٢).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "يغضب لعصبته، أو ينصر عصبته" هكذا رواية الجمهور بالعين، والصاد المهملتين، من التعصّب، وقد رواه العذريّ بِالْغَين، والضاد المعجمتين، من الغضب، والأول أصحّ، وأبْيَن، ويَعضِده تأويل أحمد بن حنبل المتقدّم، ولرواية العذريّ وجهٌ، وهو أن يريد به الغضب الذي يَحْمِل عليه التعصّب. انتهى (٣).

(فَقُتِلَ) بالبناء للمفعول، (فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ) وفى بعض النسخ: "فقِتْلته جاهليّة"، و"القِتلة" بكسر القاف، هو مثل قوله: "فمِيتةٌ جاهليّة"، فقوله: "فقتلة" خبر مبتدأ محذوف؛ أي: فقِتلته قتلةٌ جاهليّة، والجملة مع الفاء الرابط جواب الشرط.

(وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا) بفتح الباء، وتشديد الراء: وهو التقيّ المجتنب للمناهي، (وَفَاجِرَهَا) بالجيم: وهو المسيء المنبعث في المعاصي، قال الطيبيّ: قوله: "برّها وفاجرها" يشمل المؤمن، والمعاهد، والذميّ. (وَلَا يَتَحَاشَ مِنْ مُؤْمِنِهَا) وفي بعض النسخ: "ولا يتحاشى" بالألف المنقلبة عن الياء، ومعناه: لا يكترث بما يفعله فيها، ولا يَخاف وباله، وعُقوبته، ووقع في النسخة التي شرحها القرطبيّ من مختصر مسلم بلفظ: "ولا ينحاش" بالنون: قال القرطبيّ: أي: لا يجانب، يقال: انحاش إلى كذا؛ أي: انضمّ إليه، ومَالَ، والمعنى أنه لا يترك أحدًا من المؤمنين إلا قتله. انتهى (٤).

وقال في "المشارق": قوله: "ولا ينحاش من مؤمنها": بالنون، ويروى "يتحاشى" بالتاء، وآخره ياء؛ أي: لا يتنحَّى، ويتورّع، ولا يبالي، يقال:


(١) "شرح النوويّ" ١٢/ ٢٣٧.
(٢) "النهاية" ٣/ ٢٤٦.
(٣) "المفهم" ٤/ ٥٩.
(٤) "المفهم" ٤/ ٦٠.