للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فكوفيّ، وفيه رواية تابعيّ عن تابعيّ مخضرم، وفيه ابن عبّاس - رضي الله عنهما - حبر الأمة، وبحرها، وأحد العبادلة الأربعة، والمكثرين السبعة، روى (١٦٩٦) حديثًا، وهو آخر من مات من الصحابة - رضي الله عنهم - بالطائف سنة (٦٨).

شرح الحديث:

(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) - رضي الله عنهما -، وقوله: (يَرْوِيهِ) جملة حاليّة؛ أي: حال كون ابن عبّاس - رضي الله عنهما - ينقل هذا الحديث عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قال في "الفتح": هو في معنى قوله: "عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -" (١)، ثم أوضح معنى "يرويه"، بقوله: (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ) شرطيّة مبتدأ، خبره "فليصبر(رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ) لمخالفته الشرع، أو لمخالفته ما تحبّه نفسه، (فَلْيَصْبِرْ) على ذلك المكروه، (فَإِنَّهُ) الفاء للتعليل؛ والهاء ضمير الشأن؛ أي: لأن الأمر والشأن (مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا)؛ أي: مقدار شبر، وَكَنَى به عن الخروج على السلطان، ولو بأدنى نوع من أنواع الخروج، أو بأقلّ سبب من أسباب الفرقة.

وقال في "الفتح": وقوله: "شبرًا" - بكسر المعجمة، وسكون الموحدة - وهي كناية عن معصية السلطان ومحاربته، قال ابن أبي جمرة: المراد بالمفارقة: السعي في حَلّ عقد البيعة التي حصلت لذلك الأمير، ولو بأدنى شيء، فكنى عنها بمقدار الشبر؛ لأن الأخذ في ذلك يؤول إلى سفك الدماء بغير حقّ (٢).

(فَمَاتَ، فَمِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ) وفي بعض النسخ: "فميتته جاهليّة أي: كموتة أهل الجاهليّة من الضلالة، والفرقة، وفي الرواية التالية: "فإنه ليس أحدٌ من الناس يخرج من السلطان شبرًا فمات عليه إلا مات ميتةً جاهليّةً وفي رواية للبخاريّ: "مات ميتةً جاهليّةً"، وفي حديث ابن عمر الآتي عند مسلم، رفعه: "مَن خَلَع يدًا من طاعةٍ، لقي الله ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعةٌ، مات ميتةً جاهليةً".

وقال الكرمانيّ - رحمه الله - عند قوله: "فإنه من فارق الجماعة شبرًا، فمات إلا


(١) "الفتح" ١٦/ ٦٢٦ رقم (٧١٤٣).
(٢) "الفتح" ١٦/ ٤٣٨ رقم (٧٠٥٣).