للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الخمر، وتَرْكه بعض الصلوات، وكتب بنو أمية إلى يزيد بما هم فيه من الحصر، والإهانة، والجوع، والعطش، وإنه إن لم يبعث إليهم مَن ينقذهم مما هم فيه، وإلا استُؤصلوا عن آخرهم، وبعثوا ذلك مع البريد، فلما قَدِم بذلك على يزيد وجده جالسًا على سريره، ورجلاه في ماء، يتبرّد به مما به من النِّقْرِس (١) في رجليه، فلما قرأ الكتاب انزعج لذلك، وقال: ويلك ما فيهم ألف رجل؟ قال: بلى، قال: فهل لا قاتلوا ساعةً من نهار، ثم بعث إلى عمرو بن سعيد بن العاص، فقرأ عليه الكتاب، واستشاره فيمن يبعثه إليهم، وعَرَض عليه أن يبعثه إليهم، فأبى عليه ذلك، وقال: إن أمير المؤمنين عزلني عنها، وهي مضبوطة، وأمورها مُحْكَمة، فأما الآن فإنما دماء قريش تراق بالصعيد، فلا أحب أن أتولى ذلك منهم، ليتولَّ ذلك من هو أبعد منهم مني، قال: فبعث البريدَ إلى مسلم بن عقبة المزنيّ، وهو شيخ كبير، ضعيف، فانتَدَب لذلك، وأرسل معه يزيد عشرة آلاف فارس، وقيل: اثنا عشر ألفًا، وخمسة عشر ألف راجل، وأعطى كل واحد منهم مائة دينار، وقيل: أربعة دنانير، ثم استعرضهم، وهو على فرس له، قال المدائنيّ: وجعل على أهل دمشق عبد الله بن مسعدة الفزاريّ، وعلى أهل حمص حُصين بن نُمير السَّكُونيّ، وعلى أهل الأردنّ حُبيش بن دُلْجة القينيّ، وعلى أهل فلسطين رَوْح بن زِنْباع الْجُذاميّ، وشَريك الكنانيّ، وعلى أهل قنسرين طريف بن الحسحاس الهلاليّ، وعليهم جميعًا مسلم بن عقبة المزنيّ، من غَطَفان، وإنما يسميه السلف مسرف بن عقبة، فقال النعمان بن بشير: يا أمير المؤمنين ولّني عليهم، أَكْفِك، وكان النعمان أخا عبد الله بن حنظلة لأمه عمرة بنت رواحة، فقال يزيد: لا، ليس لهم إلا هذا الغشمة (٢)، والله لأقتلنهم بعد إحساني إليهم، وعفوي عنهم مرّةً بعد مرّة، فقال النعمان: يا أمير المؤمنين أنشدك الله في عشيرتك، وأنصار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال عبد الله بن جعفر: أرأيت إن رجعوا إلى طاعتك أتقبل


(١) "النِّقْرِس" بكسر النون والراء: ورَمٌ، ووجعٌ في مفاصل الكعبين، وأصابع الرجلين. انتهى. "القاموس"، بزيادة يسيرة من "المصباح".
(٢) "الغَشَمَة": الظالم.