للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأجيب بأنه أسلم، وإنما وصفه الأشعث بكونه يهوديًّا باعتبار ما كان عليه أَوّلًا، ويؤيد إسلامه أنه وقع في رواية كُردوس، عن الأشعث في آخر القصة أنه لَمّا سمع الوعيد المذكور، قال: هي أرضه، فترك اليمين تورُّعًا، ففيه إشعار بإسلامه، ويؤيده أنه لو كان يهوديًّا ما بالى بذلك؛ لأنهم يستحلون أموال المسلمين، كما بيّنه الله - عَزَّ وَجَلَّ - في كتابه، حيث قال: {قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} الآية [آل عمران: ٧٥]، أي حَرَجٌ.

ومما يؤيّد إسلامه أيضًا ما وقع في رواية الشعبيّ، عن الأشعث - رضي الله عنه -، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إن هو حلف كاذبًا أدخله الله النار"، فذهب الأشعث، فأخبره القصة، فقال: أصلح بيني وبينه، قال: فأصلح بينهما، وفي حديث عَديّ بن عَمِيرة، فقال له امرؤ القيس: ما لمن تركها يا رسول الله؟ قال: "الجَنَّة"، قال: اشْهَدْ أني قد تركتها له كلها، هكذا ذكر في "الفتح".

(فَخَاصَمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -) وفي رواية جرير، عن منصور التالية:


= حَتَّى أَنَخْنَا بِجَنْبِ الهَضْبِ مِنْ مَلأٍ … إِلَى الرَّسُولِ الأَمِينِ الصَّادِقِ الهَادِي
وروى الطبراني من طريق صالح بن حَيّ، عن الجفشيش الكِنْديّ، قال: جاء قوم من كندة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: أنت مِنّا، وادَّعَوه، فقال: لا تنتفوا منَّا، ولا ننتفي من أبينا، وله من طريق أخرى، عن صالح: حدثنا الجفشيش، وهو خطأ، فإنه لَمْ يدركه، وأصل الحديث في "مسند أحمد"، من رواية مسلم بن هَيْضَم، عن الأشعث، قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رهط من كندة، ولم يذكر الجفشيش، وذكر أبو عمر، عن عمران بن موسى بن طلحة، عن الجفشيش مثله، وهو مرسل أيضًا، وذكره بغير سند، وقال: إنه أعاد ذلك ثلاثًا، فأجابه في الثالثة، فقال له الأشعث: فَضَّ الله فاك، ألا سكتَّ على مرتين، قال: والجفشيش هو القائل في الرِّدَّة [من الطويل]:
أَطَعْنَا رَسُولَ اللهِ إِذْ كَانَ صَادِقًا … فَيَا عَجَبَا مَا بَالُ مُلْكِ أَبِي بَكْرِ
وأنشد المبرد هذا البيت في "الكامل" للحطيئة، ولفظه: "حاضِرًا" بدل "صادقًا"، و"لَهَفًا" بدل "عَجَبًا".
وذكر عمر بن شَبَّة أن الجفشيش ارتدّ من كندة، وأنه أُخِذ أسيرًا، وأنه قُتِل صبرًا، فإن صح ذلك فلا صحبة له، وروايةُ كلِّ مَن رَوَى عنه مرسلةٌ؛ لأنهم لَمْ يدركوا ذلك الزمان، والله أعلم. انتهى ما في "الإصابة".