للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"صحيح مسلم"، وقال أبو زرعة الرازيّ، والدمشقيّ: بتقديم الزاي المعجمة، والله أعلم. انتهى (١).

(أَنَّهُ سَمِعَ مُسْلِمَ بْنَ قَرَظَةَ) بفتح القاف، والراء، وبالظاء المعجمة، (ابْنَ عَمِّ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ) - رضي الله عنه - (يَقُولُ: سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ الأَشْجَعِيَّ) - رضي الله عنه - (يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ) مبتدأ، خبره قوله: (الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ، وَيُحِبُّونَكُمْ)؛ أي: الذين يرفقون بكم، ويعدلون بينكم، فتودّونهم، وتطيعونهم لأجل ذلك، وهم كذلك يودّونكم؛ لأنهم يرون آثار عدلهم باديةً عليكم، ونتائج أعمالهم الصالحة ظاهرةً فيكم، ومن شأن الإنسان أن يُحبّ مشاهدة آثار نفسه، فيحبّ من تتجلّى فيه تلك الآثار؛ لأن ظهورها وبقاءها به، وببقائه. (وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ) قال الأشرف: الصلاة هنا بمعنى الدعاء؛ أي: تَدْعون لهم، ويدعون لكم، يدلّ عليه قوله: "تلعنونهم، ويلعنونكم وقال المظهر: أي: يصلّون عليكم إذا مِتّم، وتصلّون عليهم إذا ماتوا عن الطوع والرغبة.

قال الطيبيّ - رحمه الله - بعد ذكر القولين: أقول: لعلّ هذا الوجه أَولى، أي: تُحبّونهم، ويُحبّونكم ما دُمتم في قيد الحياة، فإذا جاء الموت يترحّم بعضكم على بعض، وبذكر صاحبه بالخير. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "وتصلُّون عليهم ويصلُّون عليكم"؛ أي: تدعون لهم بالمعونة على القيام بالحقّ والعدل، ويدعون لكم بالهداية والإرشاد، وإعانتهم على الخير، وكل فريق يحب الآخر؛ لِمَا بينهم من المواصلة، والتراحم، والشفقة، والقيام بالحقوق، كما كان ذلك في زمن الخلفاء الأربعة - رضي الله عنهم -، وفي زمان عمر بن عبد العزيز - رحمه الله -، ونقيض ذلك في الشرار؛ لِتَرْك كل فريق منهما القيام بما يجب عليه من الحقوق للآخر، ولاتّباع الأهواء، والْجَوْرِ، والبُخل، والإساءة، فينشأ عن ذلك التباغض، والتَّلاعن، وسائر المفاسد. انتهى (٣).


(١) "شرح النوويّ" ١٢/ ٢٤٤.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٥٦١ - ٢٥٦٢.
(٣) "المفهم" ٤/ ٦٥.