للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ، وَيُبْغِضُونَكُمْ) بضمّ حرف المضارعة، (وَتَلْعَنُونَهُمْ، وَيَلْعَنُونَكُمْ")؛ أي: تدعون عليهم بالطرد من رحمة الله تعالى، ويدعون عليكم بذلك، وأصل اللعن من الله تعالى: هو الطرد والإبعاد من رحمته، ومن الخلق: السبّ والدعاء به. (قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ (١)، أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ؟) وفي الرواية السابقة: "أفلا ننابذهم بالسيف؟ أي: أفلا ننبذ إليهم عهدهم؛ اي: ننقضه، كما قال تعالى: {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: ٥٨]، ونخرج عليهم بالسيف، فيكون المجرور متعلقًا بمحذوف دلّ عليه المعنى، وحُذف إيجازًا واختصارًا، قاله القرطبيّ (٢).

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("لَا)؛ أي: لا تنابذوهم (مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ) "ما" مصدريّة ظرفيّة؛ أي: مدّة إقامتهم معكم الصلاة؛ لأنها علة اجتماع الكلمة، ووحدة الصفوف.

وفيه إشعار بتعظيم أمر الصلاة، وأن تَرْكها موجب لنزع اليد من الطاعة، كالكفر على ما سبق في حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - في قوله: "إلا أن تروا كفرًا بَوَاحًا" الحديث (٣).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "لا، ما أقاموا فيكم الصلاة": ظاهره: ما حافظوا على الصلوات المعهودة بحدودها، وأحكامها، وداموا على ذلك، وأظهروه، وقيل: معناه: ما داموا على كلمة الإسلام؛ كما قد عبَّر بالمصلين عن المسلمين؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "نُهيتُ عن قتل المصلين"؛ أي: المسلمين، والأوَّل أظهر، وقد تقدَّم التنبيه على ما في هذا الحديث من الأحكام والخلاف (٤).

وقوله: (لَا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ) كرّره لتأكيد أهميّتها، (أَلَا) أداة استفتاح وتنبيه، (مَنْ وَلِيَ) بكسر اللام، (عَلَيْهِ وَالٍ، فَرَآهُ يَأْتِي)؛ أي: يفعل


(١) وفي نسخة: "قالوا: قلنا: يا رسول الله".
(٢) "المفهم" ٤/ ٦٥.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٥٦٢.
(٤) "المفهم" ٤/ ٦٥.