للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللهِ فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي) أي فليكره الفعل الذي يفعله، وقوله: (مِنْ مَعْصِيَةِ اللهِ) بيان لـ "ما يأتي"، (وَلَا يَنْزِعَنَّ) بكسر الزاي، (يَدًا مِنْ طَاعَةٍ قَالَ ابْنُ جَابِرٍ) هو: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، (فَقُلْتُ - يَعْنِي: لِرُزَيْقٍ - حِينَ حَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ: آللهِ) بمدّ الهمزة، وأصله: أَوَالله، أبدلوا واو القسم همزةً، ثم أدخلت عليها همزة الاستفهام التقريريّ، فأُبدلت الثانية ألفًا، فصار: آلله (١). (يَا أَبَا الْمِقْدَامِ) كنية رُزيق بن حيّان، (لَحَدَّثَكَ بِهَذَا - أَوْ) للشكّ من الراوي، (سَمِعْتَ هَذَا مِنْ مُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَوْفًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟) إنما نَشَده بالله تعالى توثيقًا لِمَا رواه من الحديث. (قَالَ: فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ) قال النوويّ: هكذا هو في أكثر النسخ: "فجثا" بالثاء المثلثة، وفي بعضها: "فجذا"، بالذال المعجمة، وكلاهما صحيح، فأما بالثاء، فيقال منه: جثا على ركبتيه يجثو، وجثا يجثي، من بابي دعا، ورَمَى جُثُوًّا، وجُثِيًّا بالضمّ فيهما: جلس على ركبتيه، أو قام على أطراف أصابعه، وأجثاه غيره، وتَجَاثَوْا على الرُّكَب، وهو جاثٍ، جَمْعه جُثِيٌّ، وجِثِيٌّ، بضم الجيم، وكسرها (٢).

وأما "جذا" فهو: الجلوس على أطراف أصابع الرجلين، ناصب القدمين، وهو الجاذي، والجمع جِذًا، مثلُ نائم ونِيَام، قال الجمهور: الجاذي أشدّ استيفازًا من الجاثي، وقال أبو عمرو: هما لغتان. انتهى (٣).

(وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ) إنما استقبل القبلة، وجثا على ركبتيه اهتمامًا برواية الحديث، وإظهارًا لِمَا في قلبه من خطورة رواية الحديث وعظمته. (فَقَالَ) رُزيق، (إِي) بكسر الهمزة، وسكون التحتانيّة: بمعنى: نعم، كقوله تعالى: {قُلْ إِي وَرَبِّي} الآية [يونس: ٥٣]، (وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَسَمِعْتُهُ مِنْ مُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) زاد في الرواية الآتية في التنبيه: "وحلف على ما سألته أن يحلف عليه، قال ابن جابر: فلم أستحلفه اتّهامًا، ولكن استحلفته استثباتًا"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) راجع: "شرح الشيخ الهرري" ٢٠/ ١١٥.
(٢) راجع: "القاموس المحيط" ص ١٩٣.
(٣) "شرح النوويّ" ١٢/ ٢٤٥.