للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وتمسك به بعض الشيعة في تفضيل عليّ على عثمان؛ لأن عليًّا كان من جملة من خوطب بذلك، وممن بايع تحت الشجرة، وكان عثمان حينئذ غائبًا.

ورُدّ عليهم بأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بايع عنه، فاستوى معهم عثمان في الخيرية المذكورة، ولم يقصد في الحديث إلى تفضيل بعضهم على بعض.

واستُدِلّ به أيضًا على أن الخضر ليس بحيّ؛ لأنه لو كان حيًّا مع ثبوت كونه نبيًّا للزم تفضيل غير النبيّ على النبيّ، وهو باطل، فدلّ على أنه ليس بحيّ حينئذٍ.

وأجاب من زعم أنه حيّ باحتمال أن يكون حينئذٍ حاضرًا معهم، ولم يقصد إلى تفضيل بعضهم على بعض، أو لم يكن على وجه الأرض، بل كان في البحر، والثاني جواب ساقط.

وعَكَس ابن التين، فاستَدَلَّ به على أن الخضر ليس بنبيّ، فبنى الأمر على أنه حيّ، وأنه دخل في عموم مَن فَضَّل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أهل الشجرة عليهم، قال الحافظ: وقد قدمنا الأدلة الواضحة على ثبوت نبوة الخضر في أحاديث الأنبياء.

وأغرب ابن التين، فجزم أن إلياس ليس بنبيّ، وبناه على قول مَن زعم أنه أيضًا حيّ، وهو ضعيف، أعني كونه حيًّا، وأما كونه ليس بنبي فنفيٌ باطل، ففي القرآن العظيم: {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣)} [الصافات]، فكيف يكون أحد من بني آدم مرسَلًا، وليس بنبيّ؟ انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: كون الخضر نبيًّا هو الحقّ الذي دلّت عليه ظواهر النصوص، وكذلك موته هو الحقّ أيضًا، وسيأتي البحث في ذلك مستوفًى في "كتاب الفضائل" - إن شاء الله تعالى -.

(وَقَالَ جَابِرٌ) - رضي الله عنه - (لَوْ كُنْتُ أُبْصِرُ) إنما قال ذلك لأنه عَمِي في آخر عمره، (لأَرَيْتُكُمْ مَوْضِعَ الشَّجَرَةِ) هذا قاله جابر - رضي الله عنه - ظنًّا منه أنه لا يزال يعرفها، لكن سيأتي عن سعيد بن الْمُسيِّب عن أبيه أنه قال: "فانطلقنا حاجِّين، فخفي علينا مكانها"، وفي لفظ: "فَنَسُوْها من العام المقبل"، وفي لفظ: "ثم


(١) "الفتح" ٩/ ٢٦١ - ٢٦٢، كتاب "المغازي" رقم (٤١٥٣).