(إِذَا هَاجَرْنَ)؛ أي: من مكة إلى المدينة قبل عام الفتح (إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُمْتَحَنَّ) بالبناء للمجهول؛ أي: يُختبرن، والامتحان الاختبار، وفي رواية للبخاريّ:"يَمْتحنُهُنّ"، قال في "الفتح"، أي: يختبرهنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيما يتعلّق بالإيمان، فيما يرجع إلى ظاهر الحال دون الاطّلاع على ما في القلوب، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى:{اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ}. (بِقَوْلِ اللهِ - عز وجل -: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ}) رواية مسلم هذه صريحة في أن هذه الآية وحدها هي التي نزلت في هذا، والذي في رواية البخاريّ أنها الآية قبلها، ولفظه:"كان المؤمنات إذا هاجرن إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يمتحنهنّ بقول الله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} إلى آخر الآية"، ويُمكن أن يُجمع بأنهما نزلتا معًا، وإليه مال في "الفتح"، حيث قال عند قوله:(إلى آخر الآية) ما نصّه: يَحْتَمِل الآية بعينها، وآخرها {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}، ويَحْتَمِل أن يريد بالآية القصّة، وآخرها {غَفُورٌ رَحِيمٌ}، وهذا هو المعتمَد، فقد تقدّم في أوائل "الشروط" من طريق عُقيل وحده، عن ابن شهاب، عَقِب حديثه عن عروة، عن المسور، ومروان:"قال عروة: فأخبرتني عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يمتحنهن بهذه الآية:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} إلى {غَفُورٌ رَحِيمٌ}، وكذا وقع في رواية ابن أخي الزهريّ، عن الزهريّ، في "تفسير الممتحنة". انتهى.
والحاصل أن الآيتين نزلتا معًا، والله تعالى أعلم.
({يُبَايِعْنَكَ})؛ أي: من جاءك منهنّ تبايع على هذا الشرط، فبايعها ({عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ})؛ أي: أموال الناس الأجانب، فأما إذا كان الزوج مقصِّرًا في نفقتها، فلها أن تأكل من ماله بالمعروف، ما جرت به عادة أمثالها، وإن كان بغير علمه، عملًا بحديث هند بنت عتبة أنها قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شَحِيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بَنِيَّ، فهل عليَّ جُناح إن أخذت من ماله بغير علمه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بَنِيك"، متّفقٌ عليه.
({وَلَا يَزْنِينَ} إِلَى آخِرِ الآيَة [الممتحنة: ١٢])؛ أي: إلى آخر القصّة، وهو