ووقع في حديث ابن عباس:"حتى أتى النساء، فقال:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} الآية كلها، ثم قال حين فرغ: أنتنّ على ذلكِ؟ فقالت امرأة منهنّ: نعم".
قال: واختُلِف في استمرار حكم امتحان من هاجر من المؤمنات، فقيل: منسوخ، بل ادَّعَى بعضهم الإجماع على نسخه، والله أعلم. انتهى (١).
(وَلَا، وَاللهِ) فيه القسم لتأكيد الخبر، وكأن عائشة - رضي الله عنها - أشارت بذلك إلى الردّ على ما جاء عن أم عطيّة، فعند ابن خزيمة، وابن حبان، والبزار، والطبريّ، وابن مردويه، من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن، عن جدّته أم عطيّة في قصة المبايعة، قالت:"فمدّ يده من خارج البيت، ومددنا أيدينا من داخل البيت، ثم قال: اللهم اشْهَد"، وكذا حديثها:"بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم، فقرأ علينا:{أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا}، ونهانا عن النياحة، فقبضت امرأة يدها، فقالت: أسعدتني فلانة، أريد أن أجزيها، فما قال لها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - شيئًا، فانطلقت، ورجعت فبايعها".
فقولها:"فقبضت منا امرأة يدها" فإنه يشعر بأنهنّ كنّ يبايعنه بأيديهنّ.
ويمكن الجواب عن الأول بأن مدّ الأيدي من وراء الحجاب إشارة إلى وقوع المبايعة، وإن لم تقع مصافحة، وعن الثاني بأن المراد بقبض اليد التأخر عن القبول، أو كانت المبايعة تقع بحائل، فقد روى أبو داود في "المراسيل" عن الشعبيّ: "أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - حين بايع النساء، أُتِي ببرد قِطْريّ، فوضعه على يده، وقال: لا أصافح النساء"، وعند عبد الرزاق، من طريق إبراهيم النخعيّ مرسلًا نحوه، وعند سعيد بن منصور من طريق قيس بن أبي حازم كذلك.
وأخرج ابن إسحاق في "المغازي" من رواية يونس بن بكير، عنه، عن أبان بن صالح:"أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يغمس يده في إناء، وتغمس المرأة يدها فيه"، ويَحْتَمِل التعدد.
وقد أخرج الطبرانيّ أنه بايعهنّ بواسطة عمر، وروى النسائيّ، والطبريّ من طريق محمد بن المنكدر: "أن أُميمة بنت رُقيقة - بقافين مصغرًا - أخبرته