للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومن طريق قتادة: "كانت محنتهنّ أن يُستحلفنَ بالله: ما أخرجكنّ نُشوزٌ، وما أخرجكنّ إلا حبّ الإسلام، وأهله، فإذا قلن ذلك قُبِل منهنّ"، فكل ذلك لا ينافي رواية العوفيّ؛ لاشتمالها على زيادة لم يذكرها. انتهى ما في "الفتح" (١).

وقال في موضع آخر: وفي هذا الحديث أن المحنة المذكورة في قوله: {فَامْتَحِنُوهُنَّ} هي أن يبايعهن بما تضمنته الآية المذكورة.

وأخرج عبد الرزاق عن معمر، عن قتادة: أنه - صلى الله عليه وسلم -: "كان يمتحنُ من هاجر من النساء: بالله ما خرجتُ إلا رغبةً في الإسلام، وحبًّا لله ورسوله"، وأخرج عبد بن حميد من طريق بن أبي نَجيح، عن مجاهد نحوه، وزاد: "ولا خرج بك عِشْق رجل منا، ولا فرار من زوجك"، وعند ابن مردويه، وابن أبي حاتم، والطبرانيّ، من حديث ابن عباس نحوه، وسنده ضعيف.

ويمكن الجمع بين التحليف والمبايعة، والله أعلم.

وذكر الطبريّ، وابن أبي حاتم، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، أن المرأة من المشركين كانت إذا غَضِبت على زوجها، قالت: والله لأهاجرنّ إلى محمد، فنزلت: {فَامْتَحِنُوهُنَّ} (٢).

(وَكَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أقرَرْنَ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِنَّ)؛ أي: بقولهنّ لفظًا صريحًا، فـ "من" بمعنى الباء، كما في قوله تعالى: {يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} [الشورى: ٤٥] (٣). (قَالَ لَهُنَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "انْطَلِقْنَ)؛ أي: اذهبن إلى محلّكنّ (فَقَدْ بَايَعْتُكُنَّ" أي: تمّ البيع بيني وبينكنّ.

وقال في "الفتح": قوله: "انطلقن فقد بايعتكنّ" بيّنته بعد ذلك بقولها في آخر الحديث: "فقد بايعتكنّ كلامًا"؛ أي: كلامًا يقوله، ووقع في رواية عُقيل: "كلامًا يكلّمها به، ولا يبايع بضرب اليد على اليد، كما كان يبايع الرجال"، وقد أَوْضَحَتْ ذلك بقولها: "ما مست يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يد امرأة قطّ"، زاد في رواية عقيل في المبايعة: "غير أنه بايعهن بالكلام".


(١) "الفتح" ١٢/ ١٣٢، كتاب "الطلاق" رقم (٥٢٨٨).
(٢) "الفتح" ١٠/ ٦٨٨ - ٦٨٩، كتاب "التفسير" رقم (٤٨٩١).
(٣) راجع: "مغني اللبيب" ١/ ٦١٤.