للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

و"المعروف" هنا: الواجبات الشرعية التي يُعَصَّى من تركها، وقال الزرقانيّ: {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} كما أمر الله به، والتقييد به تطييبًا لقلوبهنّ؛ إذ لا يأمر إلا به، أو تنبيهًا على أنه لا تجوز طاعة مخلوق في معصية الخالق، وقيل: "المعروف" هنا: أن لا يَنُحْنَ على موتاهنّ، ولا يخلُوْنَ بالرجال في البيوت، قاله ابن عباس، وقتادة، وغيرهما، أسنده أبو عمر. انتهى (١).

وقوله تعالى: {فَبَايِعْهُنَّ}؛ أي: بالكلام، كما فعل - صلى الله عليه وسلم - {وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ}؛ أي: سل الله لهنّ المغفرة، فإنه غفور بتمحيق ما سلف، رحيم بتوفيق ما ائتُنِفَ. انتهى (٢).

(قَالَتْ عَائِشَةُ) - رضي الله عنها - (فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا)؛ أي: بالشرط الذي ذُكر في الآية، وقوله: (مِنَ الْمُؤْمِنَات) بيان لـ "منْ"، (فَقَدْ أَقَرَّ بِالْمِحْنَةِ) بكسر الميم، وسكون الحاء المهملة: اسم من الامتحان، قال الفيّوميّ - رحمه الله -: مَحَنْتُهُ مَحْنًا، من باب نَفَعَ: اختبرتُهُ، وامتحنته كذلك، والاسم: الْمِحْنةُ، والجمع: مِحَنٌ، مثلُ سِدْرَة وسِدَرِ. انتهى (٣).

وقال في "الفتح": قوله: "فمن أقرّ بهذا الشرط من المؤمنات فقد أقر بالمحنة" يشير إلى شرط الإيمان، وأوضحُ من هذا ما أخرجه الطبريّ من طريق العوفيّ، عن ابن عباس قال: "كان امتحانهنّ أن يشهدن أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله".

وأما ما أخرجه الطبريّ أيضًا، والبزار، من طريق أبي نصر، عن ابن عباس: "كان يمتحنهنّ: والله ما خرجتُ من بُغْض زوج، والله ما خرجت رغبةً عن أرض إلى أرض، والله ما خرجت التماس دنيا، والله ما خرجت إلا حبًّا لله ولرسوله".

ومن طريق ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد، نحو هذا، ولفظه: "فاسألوهنّ عما جاء بهنّ، فإن كان من غضب على أزواجهنّ، أو سُخْطه، أو غيره، ولم يؤمنّ، فأرجعوهنّ إلى أزواجهن".


(١) "شرح الزرقانيّ" ٤/ ٥١٢.
(٢) "المفهم" ٤/ ٧٣ - ٧٤ بزيادة من غيره.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٥٦٥.