"معقود"، ووقع بإثباتها عند الإسماعيليّ، من رواية عبد الله بن نافع، عن مالك، قال: وسيأتي في "علامات النبوة" من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع بإثباتها، وذلك في رواية أبي ذرّ، عن الكشميهنيّ وحده. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: سيأتي لمسلم في هذا الباب من حديث جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - بلفظ:"الخيل معقود بنواصيها الخير"، ومن حديث عروة البارقيّ - رضي الله عنه - بلفظ:"الخيل معقود في نواصيها الخير"، وفي لفظ:"الخير معقوص بنواصي الخيل"، ومن حديث أنس - رضي الله عنه - بلفظ:"البركة في نواصي الخيل".
وقد فسّر الخير في حديث جرير، وعروة بقوله:"الأجر، والغنيمة"، وفي لفظ:"الأجر، والمغنم"، وفي حديث عروة أيضًا:"الخير معقود بنواصي الخيل، قال: فقيل له: يا رسول الله بم ذاك؟ قال: الأجر والمغنم إلى يوم القيامة".
قال الطيبيّ - رحمه الله -: يَحْتَمِل أن يكون الخير الذي فُسِّر بالأجر والمغنم استعارةً لظهوره، وملازمته، وخص الناصية؛ لرفعة قَدْرها، وكأنه شبّهه لظهوره بشيء محسوس، معقود على مكان مرتفع، فنُسِب الخير إلى لازِم المشبَّه به، وذكرُ الناصية تجريدٌ للاستعارة، والمراد بالناصية هنا: الشعر المسترسِل على الجبهة، قاله الخطابيّ وغيره، قالوا: ويَحْتَمِل أن يكون كَنَى بالناصية عن جميع ذات الفرس، كما يقال: فلان مبارك الناصية، لكن يبعده لفظ حديث جرير - رضي الله عنه - الآتية، قال:"رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَلْوِي ناصية فرس بإصبعه، وهو يقول: الخيل معقود بنواصيها الخير. . ." الحديث، فيَحْتَمِل أن تكون الناصية خُصّت بذلك؛ لكونها المقدَّم منها، إشارةً إلى أن الفضل في الإقدام بها على العدوّ دون المؤخَّر؛ لِمَا فيه من الإشارة إلى الإدبار.
وقوله: (إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ") فيه بشارة إلى أن الجهاد ماض، ومستمرّ إلى يوم القيامة، والمراد به قرب القيامة، وهو الوقت الذي تأتي فيه الريح الطيّبة، فتقبض روح كلّ مؤمن، كما يأتي ذلك في حديث النوّاس بن سَمْعان - رضي الله عنه - في "كتاب الفتن" - إن شاء الله تعالى - والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.