للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فرواه مسلم من طريق الأعرج عنه بلفظ: "تكفّل الله لمن جاهد في سبيله، لا يخرجه من بيته إلا جهاد في سبيله، وتصديق كلمته"، وكذا هو عند البخاريّ من طريق أبي الزناد في "كتاب الخمس"، وكذلك أخرجه مالك في "الموطأ" عن أبي الزناد في "كتاب الخمس"، وأخرجه الدارميّ من وجه آخر، عن أبي الزناد، بلفظ: "لا يخرجه إلا الجهاد في سبيل الله، وتصديق كلماته"، نعم أخرجه أحمد، والنسائيّ من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -، فوقع في روايته التصريح بأنه من الأحاديث الإلهية، ولفظه: "عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يَحْكِي عن ربه، قال: أيُّما عبد من عبادي، خرج مجاهدًا في سبيل ابتغاء مرضاتي، ضَمِنت له إن رجعته أن أرجعه بما أصاب من أجر، أو غنيمة. . ." الحديث، ورجاله ثقات، وأخرجه الترمذيّ من حديث عبادة - رضي الله عنه - بلفظ: "يقول الله - عز وجل -: المجاهد في سبيلي هو عليّ ضامنٌ، إن رجعته رجعته بأجر، أو غنيمة. . ." الحديث، وصححه الترمذيّ (١).

(فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ) قال النوويّ - رحمه الله -: ذكروا في "ضامن" هنا وجهين: أحدهما أنه بمعنى مضمون، كماء دافقٍ؛ أي: مدفوق، والثاني: أنه بمعنى ذو ضمان. انتهى.

قال المازريّ: يجيء فاعل بمعنى مفعول، كقوله تعالى: {مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} [الطارق: ٦]، بمعنى مدفوق، {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [القارعة: ٧]: بمعنى مرضيّة، فعلى هذا يكون "ضامن" بمعنى مضمون، وقيل: معناه: ذو ضمان على الله تعالى؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} الآية [النساء: ١٠٠]، ذكره القاضي عياض (٢).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "فهو عليّ ضامنٌ" قيل فيه: هو بمعنى مضمون، كما قالوا: ماء دافق؛ أي: مدفوق، و: لا عاصم اليوم؛ أي: معصوم، وقيل: معناه ذو ضمان، كما قال في الحديث الآخر: "تكفل الله"؛ أي: ضَمِنَ، وهذا كله عبارة عن أن هذا الجزاء لا بدّ منه؛ إذ قد سبق هذا في


(١) "الفتح" ٧/ ٤٥، كتاب "الجهاد" رقم (٢٧٨٧).
(٢) "إكمال المعلم" ٦/ ٢٩٤.