للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بعد قتلي، فأغزو (فَأُقْتَلُ) مرّةً ثانيةً (ثُمَّ) أحيا، (أَغْزُو) مرّة أخرى (فَأُقْتَلُ) وفي رواية للبخاريّ من طريق سعيد بن المسيِّب، أن أبا هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "والذي نفسي بيده، لولا أن رجالًا من المؤمنين، لا تطيب أنفسهم، أن يتخلفوا عني، ولا أجد ما أحملهم عليه، ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله، والذي نفسي بيده، لوددت أني أُقتل في سبيل الله، ثم أحيا، ثم أُقتل، ثم أحيا، ثم أُقتل، ثم أحيا، ثم أُقتل".

قال الطيبيّ - رحمه الله -: "ثُمّ" وإن دلّ على التراخي في الزمان هنا، لكن الحمل على التراخي في الرتبة هو الوجه؛ لأن المتمنَّى حصول درجات بعد القتل، والإحياء لم يحصل قبلُ، ومن ثمّة كرّرها لنيل مرتبة بعد مرتبة إلى أن ينتهي إلى الفردوس الأعلى.

[تنبيه]: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أُقتل في سبيل الله. . . إلخ" استَشْكَل بعض الشراح صدور هذا التمني من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مع علمه بأنه لا يُقْتَل.

وأجاب ابن التين بأن ذلك لعله كان قبل نزول قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: ٦٧]، وهو متعقَّب، فإن نزولها كان في أوائل ما قَدِم المدينة، وهذا الحديث صَرَّح أبو هريرة بأنه سمعه من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وإنما قَدِم أبو هريرة في أوائل سنة سبع من الهجرة.

قال الحافظ: والذي يظهر في الجواب أن تمني الفضل والخير لا يستلزم الوقوع، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "لودَدِنا لو صَبَر موسى حتى يقصّ علينا من أمرهما"، وكأنه - صلى الله عليه وسلم - أراد المبالغة في بيان فضل الجهاد، وتحريض المسلمين عليه، قال ابن التين: وهذا أشبه.

قال: وحَكَى شيخنا ابن الملقِّن أن بعض الناس زعم أن قوله: "ولوددت" مُدْرَج من كلام أبي هريرة، قال: وهو بعيد. انتهى (١)، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.


(١) "الفتح" ٧/ ٥٩ - ٦٠.