للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ) أنه (قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ، مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (كُلُّ كَلْمٍ) بفتح الكاف، وإسكان اللام، (يُكْلَمُهُ الْمُسْلِمُ) بضمّ حرف المضارعة، وإسكان الكاف، وفتح اللام، مبنيًّا للمفعول؛ أي: يُجرحه، وقوله: (فِي سَبِيلِ اللهِ) قيْدٌ يُخرج ما يصيب المسلم من الجراحات في غير سبيل الله، وزاد في "الجهاد" من طريق الأعرج، عن أبي هريرة: "والله أعلم بمن يُكْلَم في سبيله"، وفيه إشارة إلى أن ذلك إنما يحصل لمن خلصت نيته (١).

(ثُمَّ تَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) هكذا في عامّة النسخ، بـ "ثُمّ"، وفي رواية البخاريّ: "تكون" بدونها، ولا يظهر لها معنى هنا، ولعلّها جاءت زائدة، فقد جوّز الأخفش، والكوفيّون تجرّدها عن معنى العطف، ومجيئها زائدةً، وحَمَلوا على ذلك قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ} الآية [التوبة: ١١٨]؛ أي: حتى إذا ضاقت الأرض. . . إلخ، تاب عليهم، والله تعالى أعلم.

(كَهَيْئَتِهَا) الضمير يعود على الكَلْم باعتبار أنه بمعنى الْكَلْمة، أو الجراحة، ويوضّحه رواية القابسيّ، عن أبي زيد المروزيّ، عن الفربريّ: "كلُّ كلمة يُكلمها"، وكذا هو في رواية ابن عساكر، قاله في "الفتح" (٢).

(إِذَا طُعِنَتْ) بالبناء للمفعول، وهكذا في عامّة النسخ: "إذا" بالألف بعد الذال، قال القسطلّانيّ: وهي هنا لمجرّد الظرفيّة، أو هي بمعنى "إذ"، وقد يتقارضان، أو عبَّر بـ "إذا" لاستحضار صورة الطعن؛ لأن الاستحضار كما يكون بصريح لفظ المضارع، نحو: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا} الآية [الروم: ٤٨] يكون بما في معنى المضارع، كما فيما نحن فيه.

وقوله: (تَفَجَّرُ) بفتح الجيم المشدّدة، وحَذْف إحدى التاءين؛ إذ أصله تتفجّر، كما في قوله تعالى: {نَارًا تَلَظَّى} [الليل: ١٤]، {فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (٦)}


(١) "الفتح" ١/ ٥٨٧، كتاب "الوضوء" رقم (٢٣٧).
(٢) "الفتح" ١/ ٥٨٧، كتاب "الوضوء" رقم (٢٣٧).