للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بمعنى: مفعول؛ أي: مشهود له، وعلى التأويلين الأوَّلين بمعنى: فاعل. انتهى (١).

وقال النوويّ - رحمه الله -: وأما سبب تسميته شهيدًا، فقال النضر بن شُميل: لأنه حيٌّ، فإن أرواحهم شَهِدت، وحضرت دار السّلام، وأرواح غيرهم إنما تشهدها يوم القيامة.

وقال ابن الأنباريّ: لأن الله تعالى، وملائكته - عليهم الصلاة والسلام - يشهدون له بالجنة، وقيل: لأنه شَهِد عند خروج روحه ما أعدّه الله تعالى له من الثواب والكرامة، وقيل: لأن ملائكة الرحمة يشهدونه، فيأخذون روحه، وقيل: لأنه شُهِد له بالإيمان، وخاتمة الخير بظاهر حاله، وقيل: لأن عليه شاهدًا بكونه شهيدًا، وهو الدم، وقيل: لأنه ممن يشهد على الأمم يوم القيامة بإبلاغ الرسل الرسالةَ إليهم، وعلى هذا القول يشاركهم غيرهم في هذا الوصف. انتهى (٢).

(فَإِنَّهُ)؛ أي: الشهيد (يَتَمَنَّى) ووقع في بعض النسخ: "إلا الشهيد يتمنّى"، فسقطت لفظة "فإنه"، قال في "الفتح" عند شرح قول البخاريّ: "كتاب التمنّي" ما نصّه: والتمني: تفعّلٌ من الأمنية، والجمع أمانيّ، والتمني: إرادةٌ تتعلق بالمستقبل، فإن كانت في خيرٍ من غير أن تتعلق بحسد، فهي مطلوبة، وإلا فهي مذمومة، وقد قيل: إن بين التمني والترجي عمومًا وخصوصًا، فالترجي في الممكن، والتمني في أعم من ذلك، وقيل: التمني يتعلق بما فات، وعَبَّر عنه بعضهم بطلب ما لا يمكن حصوله، وقال الراغب: قد يتضمن التمني معنى الوُدّ؛ لأنه يتمنى حصول ما يَوَدّ. انتهى (٣).

(أَنْ يَرْجِعَ) إلى الدنيا، (فَيُقْتَلَ فِي الدُّنْيَا)؛ أي: في سبيل الله - عز وجل -، ثم علّل هذا التمنّي المستحيل المنال، بقوله: (لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ") وفي الرواية التالية: "فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ، فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ؛ لِمَا يَرَى مِنَ الْكَرَامَةِ".

وحاصل المعنى: أن هذا التمنّي، وإن كان محالًا في نفسه لكنّ الشهيد


(١) "المفهم" ٣/ ٧٠٨.
(٢) "شرح النووي" ١٣/ ٢٤.
(٣) "الفتح" ١٧/ ٧٥، كتاب "التمني" رقم (٧٢٢٦).