للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بعضهم: للقَسَم، وفيه نظر. انتهى (١).

و"الغَدْوة" بفتح الغين المعجمة، وسكون الدال المهملة: المرّة الواحدة من الْغُدُوّ، وهو الخروج في أي وقت كان من أول النهار إلى انتصافه. (فِي سَبِيلِ اللهِ)؛ أي: في الجهاد لإعلاء كلمة الله - عز وجل -، (أَوْ رَوْحَةٌ) بفتح الراء، وسكون الواو: المرّة الواحدة من الرّواح، وهو الخروج في أي وقت كان من زوال الشمس إلى غروبها، قاله في "الفتح" (٢).

وقال النوويّ - رحمه الله -: "الْغَدَوة" - بفتح الغين -: السير أولَ النهار إلى الزوال، والرَّوْحة: السير من الزوال إلى آخر النهار، و"أو" هنا للتقسيم، لا للشكّ، ومعناه: أن الروحة يحصل بها هذا الثواب، وكذا الغدوة، والظاهر أنه لا يختص ذلك بالغدوّ والرواح من بلدته، بل يحصل هذا الثواب بكل غَدْوة أو رَوْحة في طريقه إلى الغزو، وكذا غَدوةٌ وروحة في موضع القتال؛ لأن الجميع يُسَمّى غَدْوة وروحة في سبيل الله. انتهى (٣).

(خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا") قال النوويّ - رحمه الله -: معنى هذا الحديث أن فضل الغدوة والروحة في سبيل الله، وثوابهما خير من نعيم الدنيا كلها، لو مَلَكها إنسان، وتصوّر تنعّمه بها كلها؛ لأنه زائل، ونعيم الآخرة بأن، قال القاضي عياض: وقيل في معناه، ومعنى نظائره، من تمثيل أمور الآخرة، وثوابها بأمور الدنيا: إنها خير من الدنيا وما فيها، لو مَلَكها إنسان، ومَلَك جميع ما فيها، وأنفقه في أمور الآخرة، قال هذا القائل: وليس تمثيل الباقي بالفاني على ظاهر إطلاقه، والله أعلم. انتهى (٤).

وقال في "العمدة": قال المهلّب: معنى قوله: "خير من الدنيا" أن ثواب هذا الزمن القليل في الجنة خير من الدنيا كلها، وكذا قوله: "لَقَابُ قوس أحدكم"؛ أي: موضع سوط في الجنة، يريد ما صَغُر في الجنة من المواضع كلها من بساتينها وأرضها، فأخبر أن قصير الزمان، وصغير المكان في الآخرة،


(١) "عمدة القاري" ١٤/ ٩٢.
(٢) "الفتح" ٧/ ٥٤، كتاب "الجهاد" رقم (٢٧٩٢).
(٣) "شرح النوويّ" ١٣/ ٢٦.
(٤) "شرح النوويّ" ١٣/ ٢٦ - ٢٧.