وفي هذا الأسلوب تفخيم أمر الجهاد، وتعظيم شأنه، فإن قوله:"من رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا" مشتملٌ على جميع ما أمر الله به، ونهى عنه، ومنه الجهاد، وكذا إبهامه بقوله:"وأخرى"، وإبرازه في صورة البشارة؛ ليسأل عنها، فيجاب بما يجاب؛ لأن التبيين بعد الإبهام أوقع في النفس، وكذا تكراره بقوله:"الجهاد في سبيل الله، الجهاد في سبيل الله". ونظير هذا الحديث قوله تعالى:{هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ} إلى قوله: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}[الصف: ١٠ - ١٣]. أفاده الطيبيّ (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٣١/ ٤٨٧١](١٨٨٤)، و (النسائيّ) في "الجهاد"(٦/ ١٩) و"الكبرى"(٣/ ١٤) و"عمل اليوم والليلة"(٦)، و (أحمد) في "مسنده"(٣/ ١٤)، و (سعيد بن منصور) في "سننه"(٢٣٠١)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٤٦١٢)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٤/ ٤٦٧)، و (ابن منده) في "الإيمان"(١/ ٤٠٣)، و (الطبرانيّ) في "الأوسط"(٨/ ٣١٧)، و (عبد بن حميد) في "مسنده"(١/ ٢٨٨)، و (الحاكم) في "المستدرك"(٢/ ٩٣)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٩/ ١٥٨) و"شعب الإيمان"(٤/ ٢٧)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة"(٢٦١١)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان درجة المجاهد في سبيل الله - عز وجل -، وأنه يُرفع مائة درجة، بُعد ما بين الدرجتين، كما بين السماء والأرض.
٢ - (ومنها): بيان فضل الرضا بالله تعالى ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا، حيث إن من اتّصف به وجبت له الجنّة.