للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فعل؛ أي: ألا أبشّرك بشارةً أخرى، وقوله: "يُرفع" صفة، أو حال. وقيل: هناك خصلة أخرى. انتهى.

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وأخرى يُرفع بها العبد مائة درجة"؛ أي: خصلة أخرى، والدرجة: المنزلة الرفيعة، ويراد بها غرف الجنة ومراتبها التي أعلاها الفردوس، كما جاء في الحديث، ولا يُظَنّ من هذا أن درجات الجنة محصورة بهذا العدد، بل هي أكثر من ذلك، ولا يَعْلَم حصرها ولا عددها إلا الله تعالى، ألا تراه قد قال في الحديث الآخر: "يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارْقَ، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها" (١)، فهذا يدلّ على أن في الجنة درجات على عدد آي القرآن، وهي نيّف على ستة آلاف آية، فإذا اجتمعت للإنسان فضيلة الجهاد مع فضيلة القرآن، جُمعت له تلك الدرجات كلها، وهكذا كما زادت أعماله زادت درجاته، والله تعالى أعلم. انتهى (٢).

(يُرْفَعُ) بالبناء للمفعول، (بِهَا الْعَبْدُ مِائَةَ دَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ، مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ") قال القاضي عياض - رحمه الله -: يَحْتَمِل أن هذا على ظاهره، وأن الدرجات هنا المنازل التي بعضها أرفع من بعض في الظاهر، وهذه صفة منازل الجنة، كما جاء في أهل الغرف أنهم يتراءون كالكوكب الدّريّ، قال: ويَحْتَمِل أن المراد: الرفعة بالمعنى، من كثرة النعيم، وعظيم الإحسان مما لم يخطر على قلب بشر، ولا بصفة مخلوق، وأن أنواع ما أنعم الله به عليه من البرّ والكرامة يتفاضل تفاضلًا كثيرًا، ويكون تباعده في الفضل كما بين السماء والأرض في البعد. قال القاضي: والاحتمال الأول أظهر، قال النوويّ: وهو كما قال. والله تعالى أعلم.

(قَالَ) أبو سعيد (وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("الْجِهَادُ) خبر لمحذوف؛ أي: هي الجهاد (فِي سَبِيلِ اللهِ، الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ") هكذا مكررًا مرّتين، وهو كذلك عند النسائيّ في "المجتبى"، ولكن في "الكبرى" مكرّرٌ ثلاث مرّات.


(١) حديث صحيح، أخرجه أحمد في "مسنده" ٢/ ١٩٢، وأبو داود (١٤٦٤)، والترمذيّ (٢٩١٤).
(٢) "المفهم" ٣/ ٧١٠ - ٧١١.