للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فبغلانيّ، وليثًا، فمصريّ، وفيه تابعيّ عن تابعيّ، والابن عن أبيه، وأن صحابيّه - رضي الله عنه - من مشاهير الصحابة - رضي الله عنهم -، فارس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

شرح الحديث:

(عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ) الأنصاريّ المدنيّ (عَنْ) أبيه (أَبِي قَتَادَةَ) الحارث، أو عمرو، أو النعمان بن رِبْعيّ بن بُلْدُدة الأنصاريّ - رضي الله عنه - (أَنَّهُ) الضمير لعبد الله بن أبي قتادة، (سَمِعَهُ)؛ أي: سمع أبا قتادة - رضي الله عنه - (يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ) - صلى الله عليه وسلم - (قَامَ فِيهِمْ)؛ أي: الصحابة الحاضرين لديه، (فَذَكَرَ لَهُمْ: "أَنَّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَالإِيمَانَ بِاللهِ أَفْضَلُ الأَعْمَالِ)؛ أي: على الإطلاق، فلا عمل أفضل منهما.

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "إن الإيمان، والجهاد أفضل الأعمال": الإيمان هنا هو المذكور في حديث جبريل - عليه السلام -، ولا شك في أنه أفضل الأعمال؛ فإنه راجع إلى معرفة الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وما جاء به، وهو المصحِّح لأعمال الطاعات كلها، المتقدم عليها في الرتبة والمرتبة، وإنما قَرَن به الجهاد هنا في الأفضلية، وإن لم يجعله من جملة مباني الإسلام التي ذكرها في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -؛ لأنه لم يتمكن من إقامة تلك المباني على تمامها، وكمالها، ولم يَظْهَر دينُ الإسلام على الأديان كلها إلا بالجهاد، فكأنه أصل في إقامة الدِّين والإيمانُ، أصلٌ في تصحيح الدِّين، فجَمع بين الأصلين في الأفضلية، والله تعالى أعلم.

قال: وقد حصل من مجموع هذه الأحاديث أن الجهاد أفضل من جميع العبادات العملية، ولا شكّ في هذا عند تعييّنه على كل مكلف يقدر عليه، كما كان في أوّل الإسلام، وكما قد تعيَّن في هذه الأزمان؛ إذ قد استولى على المسلمين أهل الكفر والطغيان، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وأمَّا إذا لم يتعيّن فحينئذ تكون الصلاة أفضل منه، على ما جاء في حديث أبي ذرّ - رضي الله عنه -؛ إذ سُئل عن أفضل الأعمال فقال: "الصلاة على مواقيتها". انتهى (١).


(١) "المفهم" ٣/ ٧١٢ - ٧١٣.