(فَقَالَ) أي: الرجل المذكور (هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟)"هل" للاستفهام، و"غيرها" بالرفع مبتدأ، و"عليّ" خبره (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("لَا)، أي: لا فرضَ عليك غيرها (إِلَّا أنْ تَطَّوَّعَ) استثناء من قوله: "لا"، و"تَطَّوَّعَ" بتشديد الطاء والواو، وأصله تتطوع بتاءين، فأُدغِمت إحداهما في الأخرى، ويجوز تخفيف الطاء على حذف إحدى التاءين، كما قال في "الخلاصة":
وقد اختُلف في هذا الاستثناء، فقيل: متّصلٌ، وقيل: منقطع، فمن قال بالأول: قال: يجب الإتمام بالشروع في التطوّع، ومن قال بالثاني قال: لا يجب، وسيأتي تمام البحث في هذا في المسألة الثامنة - إن شاء الله تعالى -.
وفيه ردٌّ على الإصطخريّ من الشافعيّة في قوله بفرضيّة صلاة العيدين على الكفاية، وعلى الحنفية في قولهم بوجوب الوتر.
(وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ) برفع "صيام"، ونصبه، كما سبق بيانه، ولفظ البخاريّ "وصيام رمضان" بدون ذكر "شهر"، وفيه جواز إطلاق "رمضان"، خلافًا لمن كره ذلك (فَقَالَ) الرجل ("هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟)، أي: هل يجب عليّ صومٌ غير شهر رمضان؟ (فَقَالَ) الرسول ع - صلى الله عليه وسلم -: ("لَا)، أي: لا يجب عليك غيره (إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ"، وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الزَّكَاةَ)، وفي رواية البخاريّ:"قال: و"ذكره له إلخ"، أي: قال الراوي، وهو طلحة بن عُبَيْدِ الله - رضي الله عنه -: وذكر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لذلك الرجل الزكاة.
وإنما قال: "وذكر إلخ"، لعله نسي ما نصّ عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - والتبس عليه، فأتى بهذه الصيغة المحتملة، وفي رواية أبي داود: "وذكر له - صلى الله عليه وسلم - الصدقة"، والمراد منها الزكاة أيضًا كما في قوله تعالى:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} الآية [التوبة: ٦٠]، وهذا يؤذن بأن مراعاة الألفاظ هو الأولى في الرواية، فإذا التبس على الراوي لفظه أشار إلى ما ينبئ عنه كما فعل الراوي هنا.
وفي رواية للبخاريّ: قال: أخبرني بما فَرَضَ الله عليّ من الزكاة، قال: فأخبره رسول - صلى الله عليه وسلم - بشرائع الإسلام".
فتضمنت هذه الرواية أن في القصة أشياءَ أُجمِلَت، منها بيانُ نُصُبِ الزكاة، فإنها لم تُفَسَّر في الروايتين، وكذا أسماء الصلوات، وكأن السبب فيه