للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شُهْرة ذلك عندهم، أو القصد من القصة بيانُ أن المتمسك بالفرائض نَاجٍ، وإن لم يَفْعَلِ النوافل. قاله في "الفتح" (١).

(فَقَالَ) الرجل (هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟)، أي: هل يجب عليّ أداء شيء من المال غير الزكاة؟ (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - " (لَا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ"، قَالَ) الراوي، وهو طلحة - رضي الله عنه -، كما أسلفته آنفًا (فَأَدْبَرَ) من الإدبار، وهو التولّي، أي: ذهب مولِّيًا دُبُرَه إليهم (الرَّجُلُ) أي: السائل الذي مرّ ذكره في قوله: "جاء رجلٌ إلخ"؛ لأن النكرة إذا أُعيدت معرفةً كانت عين الأولي، كما قال في "عقود الجمان":

ثُمَّ مِنَ الْقَوَاعِدِ الْمُشْتَهِرَهْ … إِذَا أَتَتْ نَكِرَةٌ مُكَرَّرَهْ

تَغَايَرَا وَإِنْ يُعَرَّفْ ثَانِ … تَوَافَقَا كَذَا الْمُعَرَّفَانِ

شَاهِدُهَا الَّذِي رَوَيْنَا مُسْنَدًا … "لَنْ يَغْلِبَ الْيُسْرَيْنِ عُسْرٌ" أَبَدًا

(وَهُوَ يَقُولُ) جملة حاليّة من "الرجلُ"، (وَاللهِ) وفي رواية للبخاريّ في "الصيام": "فقال: والذي أكرمك"، وفيه جواز الحلف في الأمر المهمّ (لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا) الذي علّمتنيه شيئًا غيره (وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُ) من باب قتل، من النقص ثلاثيًّا، وفي لغة ضعيفة من الإنقاص رباعيًّا.

قال في "المصباح": نَقَصَ نَقْصًا، من باب قتل، ونُقْصَانًا، وانتقصَ: ذهب منه شيءٌ بعد تمامه، ونَقَصْتُهُ يتعدّي، ولا يتعدّي، هذه هي اللغة الفصحَى، وبها القرآن في قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [الرعد: ٤١]، وقوله: {غَيْرَ مَنْقُوصٍ} [هود: ١٠٩]، وفي لغة ضعيفة يتعدّى بالهمزة والتضعيف، ولم يأت في كلام فصيح، ويتعدّى أيضًا بنفسه إلى مفعولين، فيقال: نقَصتُ زيدًا حقّه، وانتقصته مثله، انتهى (٢).

قال الجامع: وما هنا يحتمل الوجهين، اللزوم، كهذه الرواية، والتعدّي، كرواية إسماعيل بن جعفر عند البخاريّ في "الصوم" بلفظ "ولا أنقُصُ مما فرض الله على شيئًا".

(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَفْلَحَ" أي: فاز، وظَفِرَ ببُغيته، من الإفلاح، وهو الفوز والبقاء، وقيل: هو الظفر، وإدراك البُغْية، وقيل: إنه عبارة عن أربعة


(١) "الفتح" ١/ ١٣٢.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٦٢١.