للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالياء على الإسناد إلى ضميره - صلى الله عليه وسلم -، أو ضمير من يحسَب، وقيل: إلى الذين قُتلوا، والمفعول الأول محذوف؛ لأنه في الأصل مبتدأ جائز الحذف عند القرينة، والتقدير: ولا يحسبنهم الذين قُتلوا أمواتًا؛ أي: لا يحسبن الذين قُتلوا أنفسَهم أمواتًا، على أن المراد من توجيه النهي إليهم: تنبيه السامعين على أنهم أحقّاء بأن يُسَلَّوا بذلك، ويَبْشُروا بالحياة الأبدية، والكرامة السنية، والنعيم المقيم، لكن لا في جميع أوقاتهم، بل عند ابتداء القتل؛ إذ بعد تبيّن حالهم لهم لا يبقى لاعتبار تسليتهم، وتبشيرهم فائدة، ولا لتنبيه السامعين، وتذكيرهم وجه. (١)

({الَّذِينَ قُتِلُوا}) بالتخفيف، وقرئ بالتشديد؛ لكثرة المقتولين، ({فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ}) بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: بل هم أحياء، وقرئ بالنصب؛ أي: بل أحسبهم أحياءً، على أن الحسبان بمعنى اليقين، كما في قوله [من الطويل]:

حَسِبْتُ التُّقَى وَالْمَجْدَ خَيْرَ تِجَارَةٍ … رَبَاحًا إِذَا مَا الْمَرْءُ أَصْبَحَ ثَاقِلَا

أو على أنه وارد على طريق المشاكلة (٢).

وقوله: ({عِنْدَ رَبِّهِمْ}) في محل رفع على أنه خبر ثان للمبتدأ المقدَّر، أو صفة لـ "أحياءٌ"، أو في محل نصب على أنه حال من الضمير في "أحياء"، وقيل: هو ظرف لـ "أحياء"، أو للفعل بعده، والمراد بالعندية: التقرب، والزلفى، وفي التعرض لعنوان الربوبية المنبئة عن التربية، والتبليغ إلى الكمال، مع الإضافة إلى ضميرهم مزيد تكرمة لهم (٣).

وقوله: ({يُرْزَقُونَ})؛ أي: من الجنة، وفيه تأكيد لكونهم أحياءً، وتحقيق لمعنى حياتهم، قال الإمام الواحديّ: الأصحّ في حياة الشهداء ما رُوي عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من أن أرواحهم في أجواف طيور خضر، وأنهم يُرزقون، ويأكلون، ويتنعمون، وفيه دلالة على أن روح الإنسان جسم لطيف، لا يفنى بخراب البَدَن، ولا يتوقف عليه إدراكه، وتألمه، والتذاذه (٤).


(١) "تفسير أبي السعود" ٢/ ١١١ - ١١٢.
(٢) "تفسير أبي السعود" ٢/ ١١٢.
(٣) "تفسير أبي السعود" ٢/ ١١٢.
(٤) "تفسير أبي السعود" ٢/ ١١٢.