للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(قَالَ) عبد الله (أَمَا) بالتخفيف: أداة استفتاح، وتنبيه، كـ "ألا"، (إِنَّا قَدْ سَأَلْنَا)؛ أي: سألنا النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فالمفعول محذوف، قال النوويّ - رحمه الله -: وهذا الحديث مرفوع؛ لقوله: "إنا قد سألنا عن ذلك، فقال؛ يعني: النبيّ - صلى الله عليه وسلم -". انتهى (١).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قول عبد الله: "أما إنا سألنا عن ذلك فقال": كذا صحَّت الرواية، ولم يُذكر فيها "رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، وهو المراد منها قطعًا، ألا ترى قوله: "فقال"، وأسند الفعل إلى ضميره، وإنما سكت عنه للعلم به، فهو مرفوع، وليس هذا المعنى الذي في هذا الحديث مما يُتَوَصّل إليه بعقل، ولا قياس، وإنما يُتوصل إليه بالوحي، فلا يُقال: هو موقوف على عبد الله بن مسعود. انتهى (٢).

وقال ابن القيّم - رحمه الله -: والظاهر - والله أعلم - أن المسؤول عن هذه الآية الذي أشار إليه ابن مسعود هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحَذَفه لظهور العلم به، وأن الوَهْم لا يذهب إلى سواه، وقد كان ابن مسعود يشتدّ عليه أن يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان إذا سمّاه أرعد، وتغيّر لونه، وكان كثيرًا ما يقول ألفاظَ الحديث موقوفةً، وإذا رَفَع منها شيئًا تحرَّى فيه، وقال: أو شبه هذا، أو قريبًا من هذا، فكأنه - والله أعلم - جرى على عادته في هذا الحديث، وخاف أن لا يؤديه بلفظه، فلم يَذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والصحابة - رضي الله عنهم - إنما كانوا يسألون عن معاني القرآن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. انتهى (٣).

وقوله: (عَنْ ذَلِكَ)؛ أي: عن معنى هذه الآية، وتأويلها.

(فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ) بفتح، فسكون: جمع طائر، مثلُ صاحب وصَحْبٍ، وراكبٍ ورَكْب، وجَمْع الطير طُيُورٌ، وأطيار، وقال أبو عبيدة، وقُطْرُبٌ: يقع الطير على الواحد والجمع، وقال ابن الأنباريّ: الطيرُ جماعة، وتأنيثها أكثر من التذكير، ولا يقال للواحد: طيرٌ، بل طائرٌ، وقلّما يقال للأنثى: طائرة، قاله الفيّوميّ (٤).


(١) "شرح النوويّ" ١٣/ ٣١.
(٢) "المفهم" ٣/ ٧١٥.
(٣) "حاشية ابن القيم على سنن أبي داود" ٧/ ١٤١.
(٤) "المصباح المنير" ٢/ ٣٨٢.