للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على زمان الفتنة، كما تقدّم تفصيله في المسألة الرابعة من الحديث الماضي.

٣ - (ومنها): ما قاله الطيبيّ - رحمه الله -: وفي تخصيص ذكر المعاش في الحديث تلميح، فإن العيش المتعارف بين أبناء الدهر هو استيفاء اللذّات، والانهماك في الشهوات، كما سُمّيت البيداء المهلكة بالمفازة والمنجاة، واللديغ بالسليم، وتلميح إلى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة"، متّفقٌ عليه، وفيه أن لا عيش ألذّ، وأمرأ، وأشهى، وأهنأ مما يجد العبد من طاعة ربّه، ويستروح إليها حتى يرفع تكاليفها، ومشاقّها عنه، بل إذا فقدها كان أصعب عليه مما إذا وُتر أهله وماله، وإليه ينظر قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أرحنا بالصلاة يا بلال" (١)، وقوله: "وجُعلت قرّة عيني في الصلاة" (٢)، وتعريضٌ بذمّ عيش الدنيا؛ لِمَا ورد: "تَعِس عبد الدينار، وعبد الدرهم، وعبد الخميصة" إلى قوله: "طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله. . ." (٣).

وجِمَاعُ معنى الحديث: الحثّ على مجاهدة أعداء الدين، وعلى مجاهدة النفس، والشيطان، والإعراض عن استيفاء اللذّات العاجلة. انتهى كلام الطيبيّ - رحمه الله - (٤)، وهو تحقيق مفيدٌ جدًّا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:

[٤٨٨٢] (. . .) - (وَحَدَّثَنَاهُ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، وَيَعْقُوبُ - يَعْنِي: ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيَّ - كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي حَازِمٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ،


(١) حديث صحيح، أخرجه أحمد، وأبو داود.
(٢) حديث صحيح، أخرجه النسائيّ.
(٣) أخرجه البخاريّ في "صحيحه": عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "تَعِس عبد الدينار، وعبد الدرهم، وعبد الخميصة، إن أُعطي رضي وإن لم يُعط سَخِط، تَعِسَ، وانتُكِس، وإذا شِيك فلا انتُقِش، طوبى لعبد آخذ بعِنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرّة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذَن له، وإن شفع لم يشفَّع". انتهى.
(٤) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٦٣٠.