(٢) قول ابن الجوزيّ: "أكثر السلف يمتنعون من تأويل مثل هذا. . . إلخ" المعروف عن ابن الجوزيّ نفي حقائق الصفات الخبريّة، مثل الضحك، والفرح، كما هو مذهب جمهور الأشاعرة، ثم إن كثيرًا منهم يفسّر النصوص الواردة في تلك الصفات بما يخالف ظاهرها، كما فسّروا المحبّة والرضا بإرادة الإنعام، وقد يفسّرون الفرح والضحك بمثل ذلك، أو يفسّرونهم بالرحمة والرضا، وهذه طريقة أهل التأويل منهم، فيجمعون بين التعطيل والتحريف. ومنهم من يذهب في نصوص الضحك، والفرح، ونحو ذلك مذهب التفويض، وهو إمرار ألفاظ النصوص من غير فهم لمعناها، فعندهم أنها لا تدلّ على شيء من المعاني، وهذا يقتضي أنه لا يجوز تدبّرها؛ لأن المتدبّر يطلب فهم المعنى المراد، ولا سبيل إليه عندهم. وقد زعم ابن الجوزيّ فيما نقله عنه الحافظ هنا أن هذا - أي: التفويض - هو مذهب أكثر السلف، وهو باطلٌ، وغلطٌ عليهم، بل السلف يُثبتون ما أثبته الله - عز وجل - لنفسه، أو أثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم - من الصفات. ومن قال من السلف في نصوص الصفات: أمرّوها كما جاءت، أو أمرّها بلا كيف، لا يريدون أنه لا معنى لها، كما يدّعي المفوّضة من النُّفاة، بل يريدون إثبات ما يدلّ عليه ظاهرها، وعدم العدول بها عن ظاهرها، فلا يجوز حَمْل =