للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

محل الإعجاب عند البشر، فإذا رأوه أضحكهم، ومعناه: الإخبار عن رضا الله بفعل أحدهما، وقبوله للآخر، ومجازاتهما على صنيعهما بالجنة، مع اختلاف حاليهما، قال: وقد تأول البخاريّ الضحك في موضع آخر على معنى الرحمة، وهو قريب، وتأويله على معنى الرضا أقرب، فإن الضحك يدلّ على الرضا والقبول، قال: والكرام يوصفون عندما يسألهم السائل بالبِشْر، وحسن اللقاء، فيكون المعنى في قوله: "يضحك الله"؛ أي: يُجْزِل العطاء، قال: وقد يكون معنى ذلك أن يُعْجِب الله ملائكته، ويُضحكهم من صنيعهما، وهذا يتخرج على المجاز، ومثله في الكلام يكثر.

وقال ابن الجوزيّ (١): أكثر السلف يمتنعون من تأويل مثل هذا، ويُمِرّونه كما جاء، وينبغي أن يراعى في مثل هذا الإمرار اعتقاد أنه لا تشبه صفات الله صفات الخلق، ومعنى الإمرار: عدم العلم بالمراد منه، مع اعتقاد التنزيه (٢).


(١) راجع: "كشف المشكل" لابن الجوزيّ ٣/ ٥٠٦ رقم ١٩٩٧/ ٢٤٦٠.
(٢) قول ابن الجوزيّ: "أكثر السلف يمتنعون من تأويل مثل هذا. . . إلخ" المعروف عن ابن الجوزيّ نفي حقائق الصفات الخبريّة، مثل الضحك، والفرح، كما هو مذهب جمهور الأشاعرة، ثم إن كثيرًا منهم يفسّر النصوص الواردة في تلك الصفات بما يخالف ظاهرها، كما فسّروا المحبّة والرضا بإرادة الإنعام، وقد يفسّرون الفرح والضحك بمثل ذلك، أو يفسّرونهم بالرحمة والرضا، وهذه طريقة أهل التأويل منهم، فيجمعون بين التعطيل والتحريف.
ومنهم من يذهب في نصوص الضحك، والفرح، ونحو ذلك مذهب التفويض، وهو إمرار ألفاظ النصوص من غير فهم لمعناها، فعندهم أنها لا تدلّ على شيء من المعاني، وهذا يقتضي أنه لا يجوز تدبّرها؛ لأن المتدبّر يطلب فهم المعنى المراد، ولا سبيل إليه عندهم.
وقد زعم ابن الجوزيّ فيما نقله عنه الحافظ هنا أن هذا - أي: التفويض - هو مذهب أكثر السلف، وهو باطلٌ، وغلطٌ عليهم، بل السلف يُثبتون ما أثبته الله - عز وجل - لنفسه، أو أثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم - من الصفات.
ومن قال من السلف في نصوص الصفات: أمرّوها كما جاءت، أو أمرّها بلا كيف، لا يريدون أنه لا معنى لها، كما يدّعي المفوّضة من النُّفاة، بل يريدون إثبات ما يدلّ عليه ظاهرها، وعدم العدول بها عن ظاهرها، فلا يجوز حَمْل =