للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣ - (ومنها): بيان أن صاحب اليد أولى من أجنبيّ يَدَّعي عليه، وأنه لا يُنتزع الشيء المُدَّعَى من يده لمجرّد الدعوي، ولا يُسأل عن سبب يده، ولا عن سبب ملكه.

٤ - (ومنها): أن المدعي يلزمه إقامة البيّنة، فإن لَمْ يُقمها لزم المُدَّعَى عليه اليمين، وهذا أمر متّفقٌ عليه، وهو مستفادٌ من هذا الحديث.

قال القرطبيّ - رحمه الله -: فأما ما يُروى عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من قوله: "البيّنة على المدَّعِي، واليمين على من أنكر"، فليس بصحيح الرواية (١)؛ لأنه يدور على مسلم بن خالد الزنجي، ولا يُحتجّ به، لكن معنى متنه صحيحٌ بشهادة الحديث المتقدّم له، وبحديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما - الذي قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيه: "ولكن اليمين على من أنكر". انتهى كلام القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهَ - (٢).

٥ - (ومنها): أن البينة تُقَدَّم على اليد، ويُقْضَى لصاحبها بغير يمين.

٦ - (ومنها): أن يمين الفاجر المُدَّعَى عليه تُقْبَل كيمين العدل، وتَسْقُط عنه المطالبة بها.

٧ - (ومنها): أن من نسب خصمه إلى الغصب حالة المحاكمة لَمْ يُنكر الحاكم عليه، قال القرطبيّ: إلَّا أن يكون المقول له ذلك لا يليق به. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي في تقييد القرطبيّ نظر؛ لأنه يخالفه

ظاهر هذا الحديث، ولأننا أسلفنا ما جرى للعبّاس في حقّ عليّ أمام عمر وجماعة من الصحابة - رضي الله عنهم -، فلم ينكره عليه أحد منهم، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

٨ - (ومنها): أن في قوله: "إن الرجل فاجرٌ، لا يُبالي ما حلف عليه … إلخ" دليلٌ على أن ما يجري بين المتخاصمين في مجلس الحكم من مثل هذا السبّ، والتقبيح جائزٌ، ولا شيء فيه؛ إذ لَمْ يُنكره النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وإلى هذا ذهب بعض أهل العلم، والجمهور لا يُجيزون شيئًا من ذلك، ويَرون إنكار ذلك،


(١) الحديث ضعيف الإسناد، لكنه صحيح بشواهده كما قال، انظر ما كتبه الشيخ الالبانيّ - رَحِمَهُ اللهَ - في: "إرواء الغليل" (٨/ ٢٦٥ - ٢٦٧).
(٢) "المفهم" ١/ ٣٤٨ - ٣٤٩.
(٣) "المفهم" ١/ ٣٤٨.