للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تخلّفوا عن الجهاد لعذر، أو غيره، (كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ)؛ أي: مثل تحريم أمهاتهم عليهم، وهذا من باب التشديد، وإلا فحرمة الأمهات مؤبّدة، دون حرمة نساء المجاهدين.

قال القرطبيّ - رحمه الله -: يعني أنه يجب على القاعدين من احترامهنّ، والكفّ عن أذاهنّ، والتعرّض لهنّ ما يجب عليهم في أمهاتهم. انتهى (١).

وقال النوويّ - رحمه الله -: هذا في شيئين: أحدهما: تحريم التعرّض لهنّ بريبة، من نَظَر محرّم، وخلوة، وحديث محرّم، وغير ذلك، والثاني: في برّهنّ، والإحسان إليهنّ، وقضاء حوائجهنّ التي لا يترتّب عليها مفسدة، ولا يُتوصّل بها إلى ريبة، ونحوها. انتهى (٢).

(وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَخْلُفُ) - بضمّ اللام - من باب قعد: أي يصير يعقبه، وقال السنديّ: يَحْتَمِل أنه مِن خَلَفه: إذا نابه، أو مِن خَلَفَه: إذا جاء بعده، وهما من حدّ نصر، وذلك لأن الخائن في الأهل كالنائب للأصل، وقد جاء بعده في الأهل. انتهى (٣). (رَجُلًا مِنَ الْمُجَاهِدِينَ في أَهْلِهِ)؛ أي: في امرأته، (فَيَخُونُهُ فِيهِمْ) قال الطيبيّ - رحمه الله -: الضمير المفعول عائد إلى "رجلًا"، وفي "فيهم" إلى الأهل؛ تعظيمًا، وتفخيمًا لشأنهنّ، كقول الشاعر:

وَإِنْ شِئْتُ حَرَّمْتُ النِّسَاءَ سِوَاكُمُ

فإنهنّ ممن تجب مراعاتهنّ، وتوقيرهنّ، وإلى هذا المعنى أشار - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "كحرمة أمهاتهم". انتهى (٤).

وقال بعضهم: الخيانة تكون بوجهين: إما بالتعرّض بنظر محرّم، وأمثاله، وإما بعدم دفع احتياجاتهم، والتساهل في تدبير مصالحهم، وهما حرام عليه. انتهى.

(إِلَّا وُقِفَ) بالبناء للمفعول، من الوقوف؛ أي: جُعل الخائن واقفًا، ووقع في بعض النسخ: "وُقّف" بتشديد القاف، من التوقيف. (لَهُ)؛ أي: للرجل، أو


(١) "المفهم" ٣/ ٧٣٢.
(٢) "شرح النوويّ" ١٣/ ٤٤.
(٣) "حاشية السنديّ على النسائيّ" ٦/ ٥٠ - ٥١.
(٤) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٦٣٠ - ٢٦٣١.