للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لأجل ما فعل من سوء الخلافة للغازي، وقال الطيبيّ - رحمه الله -: الضمير في "له" يعود إلى "رجلًا"، والأظهر أن يكون بمنزلة اسم الإشارة، كما في قول رؤبة:

فِيهَا خُطُوطٌ مِنْ سَوَادٍ وَبَلَقْ … كَأَنَّهُ فِي الْجِلْدِ تَوْلِيعُ الْبَهَقْ

يعني: يوقَف الخائن لأجل ما فَعَل من سوء الخلافة للغازي في أهله. انتهى (١).

(يَوْمَ الْقِيَامَةِ) وفي رواية للنسائيّ: "قيل له يوم القيامة: هذا خانك في أهلك، فخذ من حسناته ما شئت". (فَيَأْخُذُ) ذلك الرجل (مِنْ عَمَلِهِ)؛ أي: من عمل الخائن (مَا شَاءَ)؛ أي: في مقابلة ما شاء من عمله بالنسبة إلى أهل الغازي، وقوله: (فَمَا ظَنُّكُمْ؟ ") فيه تهديد عظيم، وقال القرطبيّ - رحمه الله -: يعني أن المخُون في أهله إذا مُكّن من أخذ حسنات الخائن، لم يُبق منها شيئًا، ويكون مصيره إلى النار، وقد اقْتُصِرَ على مفعولي الظنّ. انتهى (٢).

وقال النوويّ - رحمه الله -: معناه: فما تظنّون في رغبة المجاهد في أخذ حسناته، والاستكثار منها في ذلك المقام؟؛ أي: لا يُبقِي منها شيئًا إن أمكنه. انتهى (٣).

وقال المظهر: أي ما ظنّكم بالله مع هذه الخيانة؟، هل تشكّون في هذه المجازاة، أم لا؟ يعني: فإذا علمتم صدق ما أقول، فاحذروا من الخيانة في نساء المجاهدين.

وقال التوربشتيّ: أي فما ظنّكم بمن أحلّه الله بهذه المنزلة، وخصّه بهذه الفضيلة، فربّما يكون وراء ذلك من الكرامة.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما قاله التوربشتيّ بعيد عن معنى الحديث، يردّه ما جاء في الرواية الأخرى من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تُرَون يَدَعُ له من حسناته شيئًا؟ "، ولذا قال الطيبيّ - رضي الله عنه - بعد ذِكر قول المظهر، والتوربشتيّ ما نصّه: الأقرب قول المظهر، فإن سياق الكلام جاء في حرمة نساء المجاهدين، وتوقير شأنهنّ، وتنزيلهنّ منزلة الأمّهات، وأن الخيانة معهنّ منافية للدِّين


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٦٣١.
(٢) "المفهم" ٣/ ٧٣٢.
(٣) "شرح النوويّ" ١٣/ ٤٤.