للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الوادي واقفًا على بعيره، قد جَدَع بعيره، وحَوّل رحله، وشَقَّ قميصه، وهو يقول: يا معشر قريش، اللطيمةَ اللطيمةَ، أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه، لا أرى أن تدركوها، الغوث الغوث (١)، فخرجت قريش حتى جمع الله تعالى بينها وبين المسلمين، فكانت النتيجة أن انتصر الحقّ، {وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: ٨١].

(فَجَاءَ) بسيسة - رضي الله عنه - إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (وَمَا فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ غَيْرِي) هذا قول أنس - رضي الله عنه -، (وَغَيْرُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ) الراوي، والظاهر أنه ثابت: (لَا أَدْرِي مَا اسْتَثْنَى بَعْضَ نِسَائِهِ) "ما" هنا مصدريّة؛ أي: لا أعرف هل استثنى وجود بعض نساء النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في البيت أم لا؟ (قَالَ) ثابت (فَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ)؛ أي: حدّث بُسيسة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بما رأى من أحوال عِيْر أبي سفيان، وأنّه مقبلٌ من الشام.

وفي "سيرة ابن هشام": وكان بسبس بن عمرو، وعديّ بن أبي الزغباء قد مضيا حتى نزلا بدرًا، فأناخا إلى تَلّ قريب من الماء، ثم أخذا شنًّا لهما يستقيان فيه، ومجديّ بن عمرو الجهنيّ على الماء، فسمع عديّ وبسبس جاريتين من جواري الحاضر، وهما يتلازمان على الماء، والملزومة تقول لصاحبتها: إنما تأتي العير غدًا أو بعد غد، فأعمل لهم، ثم أقضيك الذي لك، قال مجدي: صدقت، ثم خلص بينهما، وسمع ذلك عديّ وبسبس، فجلسا على بعيريهما، ثم انطلقا حتى أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبراه بما سمعا. انتهى (٢).

(قَالَ) أنس - رضي الله عنه - (فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَتَكَلَّمَ)؛ أي: كلّم الناس، وبيّن لهم سبب خروجه، (فَقَالَ: "إِنَّ لَنَا طَلِبَةً) - بفتح الطاء المهملة، وكسر اللام -: هو ما يُطلب؛ يعني: حاجةً مطلوبةً، والمراد: الإغارة على عير أبي سفيان، (فَمَنْ كَانَ ظَهْرُهُ) - بفتح الظاء المعجمة، وسكون الهاء -: هي الإبل التي يُحمل عليها، وتُركب، يقال: عند فلان ظَهْر؛ أي: إبل، وتُجمع على ظُهْران بضمّ،


(١) راجع: "سيرة ابن هشام" ١/ ٦٠٦ - ٦٠٩.
(٢) "سيرة ابن هشام" ١/ ٦١٧.