للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فسكون (١). (حَاضِرًا)؛ أي: موجودًا في المدينة، (فَلْيَرْكَبْ مَعَنَا"، فَجَعَلَ)؛ أي: شَرَع (رِجَالٌ يَسْتَأْذِنُونَهُ)؛ أي: يطلبون منه - صلى الله عليه وسلم - أن يأذن لهم (فِي ظُهْرَانِهِمْ) بضمّ الظاء، وسكون الهاء؛ أي: مركوباتهم، وهو: جمع ظَهْر - بفتح، فسكون - وقيل: جمع ظَهِير، كقَضِيب وقُضْبان (٢). (فِي عُلْوِ الْمَدِينَةِ) بضمّ العين، وكسرها؛ يعني: أنهم استأذنوه - صلى الله عليه وسلم - للإتيان بمراكبهم من عوالي المدينة حتى يخرجوا معه، (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("لَا)؛ أي: لا آذن لكم (إِلَّا مَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِرًا") الظاهر أن الاستثناء منقطع؛ أي: لكن من كان مركوبه حاضرًا بالمدينة، فليخرج معنا، ويَحْتَمل أن يكون متّصلًا؛ أي: لا آذن للناس إلا لمن كان ظهره حاضرًا بالمدينة. (فَانْطَلَقَ)؛ أي: ذهب (رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ، حَتَّى سَبَقُوا الْمُشْرِكِينَ إِلَى بَدْرٍ) - بفتح الموحّدة، وسكون الدال المهملة -: اسم موضع بين مكة والمدينة، وهو إلى المدينة أقرب، ويقال: هو منها على ثمانية وعشرين فرسخًا.

وقال الطيبيّ - رحمه الله -: بدر موضع يُذكّر، ويؤنّث، وهو اسم ماء، وقال الشعبيّ: بئر كانت لرجل يُدعى بدرًا، ومنه يوم بدر، قُتل فيه عُمير هذا أول قتيل من الأنصار في الإسلام (٣).

(وَجَاءَ الْمُشْرِكُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يُقَدِّمَنَّ) مضارع قَدَّم اللام، بمعنى تقدّم، كما في قوله تعالى: {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} الآية [الحجرات: ١]، ووقع في بعض النسخ: "لا يتقدّمَنَّ"، وهو واضح. (أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَى شَيْءٍ حَتَّى أَكُونَ أَنَا دُونَهُ")؛ أي: قدّامه متقدّمًا في ذلك الشيء، والمراد: نهي الصحابة - رضي الله عنهم - من أن يتقدّموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لئلا يفوتهم شيء من المصالح التي لا يعلمونها، أفاده النوويّ (٤)، وقال الأبيّ: المراد أن لا يتقدّمه في الرأي، ولا يريد: حتى أكون أمامه في القتال؛ لأنه لم يقاتل يوم بدر،


(١) "النهاية في غريب الحديث والأثر" ص ٥٨٤.
(٢) شرح الأبيّ" ٥/ ٢٤١.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٦٣٦ - ٢٦٣٧.
(٤) "شرح النوويّ" ١٣/ ٤٥.