للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وإنما كان في العريش، ولا ينبغي للإمام أن يقاتل خوف أن يصاب، فيهلك من معه، وقد عِيب على عمرو بن العاص دخوله الإسكندريّة مختفيًا. انتهى (١). (فَدَنَا الْمُشْرِكُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) للصحابة - رضي الله عنهم -؛ تشجعًا لهم، وحثًّا على الجهاد: ("قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ) قال الطيبيّ - رحمه الله -: عدّاه بإلى لإرادة معنى المسارعة، كما في قوله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} الآية [آل عمران: ١٣٣]، (عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ" أي: مثلُ عرض السموات والأرض، قال القرطبيّ - رحمه الله -: شبّه الجنّة بسعة السموات والأرض، وإن كانت الجنّة أوسع منهما بكثير؛ مخاطبةً لنا بما شاهدنا؛ إذ لم نُشاهد أوسع من السموات والأرض، وهذا أشبه ما قيل في هذا المعنى. انتهى (٢).

وقال الطيبيّ - رحمه الله -: وصف الجنّة بالعرض مبالغة عرفًا، وتخصيص العرض بها دون الطول دلالة على أن العرض إذا كان كذلك، فمال الطول؟ (٣).

(قَالَ) الراوي (يَقُولُ) بصيغة المضارع؛ استحضارًا لصورة الحال، (عُمَيْرُ) - بضمّ العين المهملة، مصغّرًا، (ابْنُ الْحُمَامِ) - بضمّ الحاء المهملة، وتخفيف الميم - هو: عُمير بن الحمام بن الْجَمُوح بن زيد بن حرام بن كعب بن سلمة (الأَنْصَارِيُّ) السَّلَميّ، ذكره موسى بن عقبة، وغيره فيمن شَهِد بدرًا، وقال ابن إسحاق: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده لا يقاتلهم اليوم رجلٌ، فيقتلَ صابرًا، محتسبًا، مقبلًا، غير مُدْبِر، إلا أدخله الله الجنة"، فقال عُمير بن الحمام أحد بني سَلِمة، وفي يده تمرات يأكلهنّ: بخ بخ، فما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء، فقذف التمر من يده، وأخذ سيفه، فقاتل حتى قُتِل، وهو يقول:

رَكْضًا (٤) إِلَى اللهِ بِغَيْرِ زَادِ … إِلَّا التُّقَى وَعَمَلُ الْمَعَادِ

وَالصَّبْرُ فِي اللهِ عَلَى الْجِهَادِ … وَكُلُّ زَادٍ عُرْضَةُ النَّفَادِ


(١) "شرح الأبيّ" ٥/ ٢٤١.
(٢) "المفهم" ٣/ ٧٣٥.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٦٣٧.
(٤) أي: أركض ركضًا، وأُسرع إسراعًا مثل: ركض الخيل وإسراعه.