للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

غَيْرَ التُّقَى وَالْبِرِّ وَالرَّشَادِ

فكان أولَ قتيل قُتل في سبيل الله في الحرب، قاله في "الإصابة" (١).

(يَا رَسُولَ اللهِ جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ؟) هذا السؤال من عُمير سؤال استعظام، وتعجّب من سعة ثواب الله تعالى للمجاهد. (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("نَعَمْ" أي: هي كعرضهما سعةً، (قَالَ) عُمير - رضي الله عنه - (بَخٍ بَخٍ) كلمة تقال لتفخيم الأمر وتعظيمه، والتعجّب منه، يقال: بسكون الخاء، وكسرها، منوّنة، قاله القرطبيّ (٢).

وقال المجد - رحمه الله -: "بَخْ"، كَقَدْ؛ أي: عَظُم الأمرُ، وفَخُم، تقال وحدها، وتُكَرَّر: بَخٍ بَخْ، الأول منون، والثاني مسكنٌ، وقُلْ في الإفراد: بَخْ ساكنةً، وبَخِ مكسورة، وبَخٍ منونةً، وبَخٌ منونةً مضمومةً، ويقال: بَخْ بَخْ مسكّنين، وبَخٍ بَخٍ، منونين، وبَخٍّ بَخٍّ مشددين: كلمة تقال عند الرضى، والإعجاب بالشيء، أو الفخر والمدح. انتهى (٣).

وقال التوربشتيّ - رحمه الله -: قوله: "بخ" كلمة تقال عند المدح والرضى بالشيء، وكُرّرت للمبالغة، وسبق إلى فهم الرجل من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما يَحملك على قولك: بخ بخ؟ " أنه يوهم أن قوله ذلك صدر عنه من غير رويّة، ونيّة، شبيهًا بقول من سلك مسلك المزاح، فنفى ذلك بقوله: "لا والله"؛ أي: ليس الأمر على ما توهّمت، وقوله: "إلا رجاء"؛ أي: ما قلت ذلك إلا رجاء.

وتعقّبه الطيبيّ، فقال: أقول: قوله: "شبيهًا بقول من سلك مسلك المزاح"، وقوله: "ليس الأمر على ما توهّمت" ليسا بمرضيين، بل يُحمل قوله: "بخ بخ" على ما فسّر في الغريبين من قوله: قال أبو بكر: معناه تعظيم الأمر، وتفخيمه، كذا في "شرح مسلم"، وذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - لمّا قال: "قوموا إلى جنّة"؛ أي: سارِعوا إليها، وابذُلوا مُهَجكم، وأرواحكم في سبيل الله، ولا تَقاعسوا عنها، عَظَّم عُمير ذلك، وفخّمه بقوله: "بخ بخ"، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ما حملك على التعظيم؟ أخوفًا قلت هذا؟ فقال: لا، بل رجاء، والفاء في قوله: "فإنك" جزاء


(١) "الإصابة في تمييز الصحابة" ٤/ ٧١٥ - ٧١٦.
(٢) "المفهم" ٣/ ٧٣٥.
(٣) "القاموس المحيط" ١/ ٣١٧.