(فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ)؛ أي: من تلك التمرات، (ثُمَّ قَالَ) عُمير (لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ) بفتح أوله، وكسر ثانيه، من باب تَعِبَ.
قال الطيبيّ - رحمه الله -: قوله: "لئن أنا حييت" اللام موطّئة للقسم، و"إن" شرطيّة، و"أنا" فاعل فعل مضمَر يفسّره ما بعده. (حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ)، وقوله:(إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ) جواب القسم، واكتُفي به عن جواب الشرط، ويُمكن أن يُذهب به مذهب أصحاب المعاني، فيقال: إن الضمير المنفصل قُدِّم للاختصاص، وهو على منوال قوله تعالى:{قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي} الآية [الإسراء: ١٠٠] فكأنه وَجَد نفسه مختارةً للحياة على الشهادة، فأنكر عليها ذلك الإنكار، وإنما قال ذلك استبطاءً للانتداب بما نُدِب به من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "قوموا إلى جنّة"؛ أي: سارعوا إليها. انتهى (١).
(قَالَ) أنس - رضي الله عنه - (فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ)؛ أي: المشركين، (حَتَّى قُتِلَ) بالبناء للمفعول؛ أي: استُشهد في تلك المعركة - رضي الله عنه -، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٤١/ ٤٩٠٧](١٩٠١)، و (أبو داود) في "الجهاد"(٢٦١٨)، و (أحمد) في "مسنده"(٣/ ١٣٦)، و (أبو عوانة) في "مسنده" ٤/ ٤٥٩)، و (الحاكم) في "المستدرك"(٣/ ٤٨١)، و (ابن أبي عاصم) في "الجهاد"(١/ ٢٢٦)، و (عبد بن حميد) في "مسنده"(١/ ٣٧٩)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٩/ ٤٣ و ٩٩)، والله تعالى أعلم.