للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبي داود (١)، لا على القطع إلَّا أن يدّعي عليه خصمه معرفة ذلك.

٢٤ - (ومنها): ما قاله القاضي عياض - رَحِمَهُ اللهُ -: فيه دليل على أن الكفّار إذا أسلموا، وفي أيديهم أموالٌ لغيرهم من أهل الكفر غصبُوها أنَّها ترجع إلى أربابها، بخلاف ما أسلموا عليه من أموال المسلمين؛ لتقرّر ملكهم لها باستحلالهم أموالنا، خلافًا للشافعيّ في قوله: ترجع إلى أربابها من المسلمين، ولا تُملَك عليهم، وقد يَحتجّ بهذا الحديث. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما ذهب إليه الإمام الشافعيّ - رَحِمَهُ اللهُ - في هذه المسألة، وهو أن أن الكفّار إذا أسلموا وفي أيديهم أموال للمسلمين، فإنها تردّ على أصحابها عندي أرجح؛ لهذا الحديث، فإنه حجة ظاهرة، حيث إن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - طلب بيّنة، أو يمين المدَّعى عليه، وقد قال المدَّعي في دعواه: إنه انتزى على أرضه في الجاهليّة، فلو كانت لا تُردّ، لما كان لقوله: "ألك بيّنة؟ " مَعْنًى، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

٢٥ - (ومنها): أنه دليلٌ على أن الخصم الصالح والطالح في سيرة الحكم سواء بمطالبة الطالب بالبيّنة، والمطلوب باليمين. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجَّاج - رَحِمَهُ اللهُ - المذكور أولَ الكتاب قال:

[٣٦٦] ( … ) - (وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، جَمِيعًا عَنْ أَبِي الْوَلِيد، قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبدِ الْمَلِك، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ


(١) حديث صحيحٌ. أخرجه أبو داود في "سننه" (٣٢٤٤) من طريق الحارث بن سليمان، حدثني كردوس، عن الأشعث بن قيس، أن رجلًا من كندة، ورجلًا من حضرموت، اختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في أرض من اليمن، فقال الحضرمي: يا رسول الله، إن أرضي اغتصبنيها أبو هذا، وهي في يده، قال: "هل لك بينة؟ " قال: لا، ولكن أُحَلِّفه، والله يعلم أنَّها أرضي اغتصبنيها أبوه، فتهيأ الكندي لليمين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقتطع أحد مالًا بيمين، إلَّا لقي الله، وهو أجذم"، فقال الكنديّ: هي أرضه.
(٢) "إكمال المعلم" ١/ ٥٤٩.