دعواه، وأنه يستحقّ الشيء المُدّعَى على المدعَى عليه، كما فعل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث، فتأمّله بالإنصاف، والله تعالى أعلم.
١٥ - (ومنها): أن يمين الفاجر تُسقط عنه حكم دعوى المدَّعى، كيمين من ليس بفاجر، وأنه ليس يجري يمينه مجرى شهادته.
١٦ - (ومنها): أن الفاجر في دينه لا يوجب فجوره الحجر عليه، ولا إبطال إقراره، ولولا ذلك لَمْ يكن لليمين معنًى.
١٧ - (ومنها): أن من جاء بالبيّنة قُضي له بحقّه من غير يمين؛ لأنه محالٌ أن يسأله دون ما يجب له الحكم به، ولو كان من تمام الحكم اليمينُ لقال له: بيّنتك ويمينك على تصديق بيّنتك.
١٨ - (ومنها): أن البداية بالسماع من الطالب، ثم السماع من المطلوب، هل يُقِرّ، أو يُنكر؟ كما جاء في الحديث، ثم طلب البيّنة من الطالب إذا أنكر المطلوب، ثم توجيه اليمين على المطلوب إذا لَمْ يجد الطالب بيّنةً.
١٩ - (ومنها): أن الخصم إذا اعترف أن المُدَّعى فيه في يد خصمه، استُغني باعترافه عن تكليف خصمه إثبات كون يده عليه؛ لقول الحضرميّ:"إن هذا غلبني على أرض لي"، فقال الآخر:"أرضي في يدي أزرعها"، فلم يكلّفه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إثباتًا.
٢٠ - (ومنها): أن فيه دليلًا على أن الزراعة يدٌ وحَوْزٌ، فمن ثبت أنه يزرع أرضا، فقد ثبت أنَّها في يده.
٢١ - (ومنها): أن فيه وعظَ الحاكم الحالف، عساه أن يكون يَحلف باطلًا، فيرُدّه وعظه إلى الحقّ، كما فعل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - حين قام الحضرميّ ليحلف.
٢٢ - (ومنها): أن فيه التنبيهَ على سورة سؤال الحاكم الطالبَ بأن يقول له: "ألك بيّنة؟ "، ولا يقول له: قرّب بيّنتك؛ إذ قد لا تكون له بيّنة، وإلى هذا ذهب بعض حُذّاق الجدليين، والنظريين في سؤال أحد المتناظرين صاحبه عن مذهبه، ودليله بأن يقول له: ألك دليلٌ على قولك؟، فإن قال: نعم، سأله عنه ما هو؟، وهو اختيار القاضي أبي بكر الباقلّانيّ، ولم يرَه الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايينيّ.
٢٣ - (ومنها): أن فيه دليلًا على أن من ادُّعي عليه دعوى في مالٍ وَرِثَهُ، أو صار إليه من غيره أن يمينه على نفي علم دعوى المُدّعِي، كما ذُكر في زيادة