عند بئر يقال لها: بئر مَعُونة، فقال القوم: والله ما إياكم أردنا، إنما نحن مجتازون في حاجة للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقتلوهم. . ." الحديث، وفي رواية: "أن رِعْلًا، وذكوان، وعُصيّة، وبني لحيان استمدّوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عدوّ، فأمدّهم بسبعين من الأنصار، نسمّيهم القرّاء في زمانهم، كانوا يحتطبون بالنهار، ويُصلّون بالليل، حتى كانوا ببئر معونة، قتلوهم، وغدروا بهم. . . ." الحديث.
(فَقَتَلُوهُمْ، قَبْلَ أَنْ يَبْلُغُوا الْمَكَانَ) الذي بُعِثوا إليه (فَقَالُوا)؛ أي: القرّاء المقتولون لَمّا قتلوهم: (اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّنَا) - صلى الله عليه وسلم - (أَنَّا قَدْ لَقِينَاكَ،) بفتح همزة "أَنَّا"؛ لوقوعها موقع المصدر، كما قال في "الخلاصة":
والمصدر المؤوّل مفعول ثان لـ "بَلّغ"؛ أي: بلّغه لقاءنا إياك.
(فَرَضِينَا عَنْكَ) بما أعطيتنا ما لا عين رأت، ولا أُذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، (وَرَضِيتَ عَنَّا) بما فعلنا من الجهاد في سبيلك، وطاعة رسولك - صلى الله عليه وسلم -، حيث بَعَثنا لتعليم القرآن، ونشر السُّنَّة، فقُتلنا في سبيل ذلك.
(قَالَ) أنس (وَأَتَى رَجُلٌ حَرَامًا)؛ أي: ابن ملحان، خال أنس - رضي الله عنهما -، قال الحافظ: لم أعرف اسم الرجل الذي طعنه، ووقع في السيرة لابن إسحاق ما ظاهره أنه عامر بن الطفيل؛ لأنه قال: "فلما نزلوا - أي: الصحابة - بئر معونة بعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عامر بن الطفيل، فلما أتاه لم ينظر في كتابه حتى عدا عليه، فقتله"، لكن وقع في الطبرانيّ من طريق ثابت، عن أنس أن قاتل حرام بن ملحان أَسْلَمَ، وعامر بن الطفيل مات كافرًا.
قال: وأما ما أخرجه المستغفريّ في "الصحابة" من طريق القاسم، عن أبي أمامة، عن عامر بن الطفيل أنه قال: يا رسول الله زَوِّدني بكلمات، قال: "يا عامر أفش السلام، وأطعم الطعام، واستحي من الله، وإذا أسأت فأحسن"، الحديث، فهو أسلميّ، ووَهِم المستغفريّ في كونه ساق في ترجمته نَسَب عامر بن الطفيل العامريّ، وقد روى البغويّ في ترجمة أبي براء عامر بن مالك العامريّ من طريق عبد الله بن بُريدة الأسلميّ، قال: حدّثني عمي عامر بن الطفيل، فذكر حديثًا، فعُرِف أن الصحابيّ أسلميّ، ووافق اسمه واسم أبيه