للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العامريَّ، فكان ذلك سبب الوهم. انتهى (١).

وقوله: (خَالَ أَنَسٍ) بالنصب على أنه بدلٌ، أو عَطْف بيان لـ "حَرَامًا"، (مِنْ خَلْفِهِ، فَطَعَنَهُ بِرُمْحٍ) - بضمّ الراء، وسكون الميم: جمعه رِماحٌ، وأَرْماح، (حَتَّى أَنْفَدَهُ)؛ أي: أخرجه من جانبه الآخر، يقال: نَفَذَ السهمُ نُفُوذًا، من باب قَعَدَ، ونَفَاذًا: خرق الرَّمِيّةَ، وخرج منها، ويتعدّى بالهمزة، والتضعيف (٢). (فَقَالَ حَرَامٌ: فُزْتُ) بضمّ الفاء، من الفوز؛ أي: ظَفِرت بمقصودي، يقال: فاز فَوْزًا، من باب قول؛ أي: ظَفِرَ، ونَجَا، وقوله: (وَرَبِّ الْكَعْبَةِ) قَسَمٌ أَقسم به تأكيدًا لكونه فاز، وإنما أقسم - رضي الله عنه - لأن فوزه وعدٌ من الله - عز وجل - وَعَده به، وهو لا يُخلف الميعاد، وذلك حين قال - سبحانه وتعالى -: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١١١)} [التوبة: ١١١].

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: وقول حرام عندما طُعن: "فُزتُ ورب الكعبة"؛ أي: بما أعدَّ الله للشُهداء، وظاهره أنه عاين منزلته في الجنة في تلك الحالة، ويَحْتَمِلُ أن يقول ذلك محقِّقًا لوعد الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - الحقّ الصدق، فصار كأنه عاين، والله تعالى أعلم (٣).

(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَصْحَابِهِ) الذين معه في المدينة، ولم يعلموا بخبر إخوانهم، وما أصيبوا به: ("إِنَّ إِخْوَانَكُمْ قَدْ قُتِلُوا، وَإِنَّهُمْ قَالُوا: اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّنَا، أَنَّا قَدْ لَقِينَاكَ، فَرَضِينَا عَنْكَ، وَرَضِيتَ عَنَّا") تقدّم في "أبواب الوتر" برقم [١٥٤٥] أن هذا نزل قرآنًا، ثم نُسخ، ولفظه: "قال أنس: أنزل الله - عز وجل - في الذين قُتلوا ببئر معونة قرآنًا قرأناه حتى نُسخ بعدُ: أن بلّغوا قومنا أن قد لقينا ربّنا، فرضي عنّا، ورضينا عنه"، وتقدّم البحث فيه مستوفًى هناك، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

[تنبيه]: قصّة قتل حرام خال أنس - رضي الله عنهما - ساقها البخاريّ من طريق


(١) "الفتح" ٩/ ١٧٥ - ١٧٦، كتاب "المغازي" رقم (٤٠٩١).
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٦١٦.
(٣) "المفهم" ٣/ ٧٤١.